قبل انتهاء معرض الكتاب المثقفون يسألون: المستقبل لمن.. الكتاب الإليكتروني أم الورقي؟
أثار الأقبال الهائل علي الكتاب الالكترونية في معرض القاهرة الدولي للكتاب تساؤلا مهما حول مستقبل الكاتب وهل سينجح الكتاب الالكتروني في سحب البساط من تحت أقدام الكتاب الورقي لينهي قرونا طويلة من سيطرته علي الثقافة والمعرفة؟ أم سيتصدي الكتاب الورقي للاهتمام المتزايد بالكتاب الالكتروني؟ ويعرض المنتدي الأدبي من خلال التحقيق التالي اجابات عدد من المثقفين والمتخصصين حول مستقبل الكتاب في العصر الحالي
في البداية يقول: جورج نوبار خبير الأنظمة الالكترونية: الكتاب الالكتروني أو أي كتاب او كتيب يوجد علي هيئة تقنية رقمية الكترونية, وبالرغم من أن كل المراحل الانتاجية( من كتابة وجمع ومراجعة ونشر) التي يمر بها الكتاب واحدة في حالتي الكتاب المطبوع والالكتروني فإن الشكل النهائي للكتاب كمنتج نهائي يختلف تماما, فالكتاب الالكتروني يقرأ من علي انواع متنوعة من شاشات العرض الخاصة بالأجهزة الالكترونية المختلفة.
وبالرغم من المميزات المتعددة لهذه الكتب الالكترونية وبالرغم من انتشار الكتب الالكترونية في مختلف انحاء العالم فإنها لم تصل الي الكم وحجم السوق المتوقع ولاسيما في بلدنا العزيز مصر, فمازال الكتاب المطبوع أكثر انتشارا وعليه الاقبال الأكبر من قبل القراء. ولأن الكتاب الالكتروني يتميز بوجود وسائط متعددة من نصوص وصور ورسوم وصوت وأفلام متحركة, ولديه نسبة عالية من التفاعلية مع القاريء, ولأن قدرة المشاهدة فطرية في الانسان منذ مولده بينما قدرة القراءة تكتسب بالتعليم والتعلم, فإن مستقبل الكتاب الالكتروني يعد واعدا للغاية, وكما قال السيد بيل هيل من شركة مايكروسوفت ان الاتجاه نحو قراءة المعلومات علي شاشات العرض سيغير المجتمع الانساني بنفس القدر من التغيير الذي أحدثه اختراع ماكينات الطباعة, ولكنه سيقوم بذلك التغيير في أقل من خمس سنوات فقط وليس500 عام. ولاشك أن التحول من القراءة من علي الورق المطبوع الي القراءة من علي شاشات العرض سيستغرق بعض الوقت, ربما جيلا كاملا او جيلين, او قد لايحدث أبدا.
أما هشام عوف العضو المنتدب لشركة كتب عربية التي تطرح اصدارتها علي شبكة الانترنت فله رأي خاص, حيث يقول: هذا السؤال بدأ يطرح هذه الأيام وكأن هناك معركة بين الكتاب الورقي والكتاب الالكتروني, لكن انظر إلي الموضوع من زاوية اخري وهي أن الطرفين يجب أن يتحدا في معركة اخري مشتركة ضد الجهل, ولهذا فأنا ادعو لاتحاد الكتابين في سبيل المعرفة وأدعو كل الكتاب والمثقفين والمنظمات الأهلية والدول ان يكونوا في مواجهة انتشار الجهل وعدم الاقبال علي القراءة, وهذا يتحقق بمشروع قومي يشبه مشروع القراءة للجميع لكن يجب ان يتم دعمه بندوات ومناقشات ونحن في كتب عربية حاولنا أن نساعد علي اقامة مثل هذه الندوات وكذلك أصدرنا احصائيات دقيقة جدا عن النشر الالكتروني.
أما د. ناصر الأنصاري رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب فيشير الي أنه مازال في منطقتنا العربية الكتاب المطبوع له الأولية وله الريادة والأفضلية أيضا ومازال الجمهور العربي يقبل علي الكتب المطبوعة والمطبوعات المختلفة في شتي المجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية وهذا لايعني أن الكتاب الالكتروني ليس له دور بل له دور مهم جدا أيضا في مجال البحوث الجامعية والبحوث بمختلف اشكالها فعندما يرغب الباحث في الاطلاع في أي علم من العلوم الاجتماعية او الاقتصادية او السياسية او الثقافية فإنه يستطيع الاطلاع في أي وقت من خلال الكتاب المطبوع فهو مريح أكثر من الجلوس امام الجهاز, فمازال الكتاب له الأولوية والدليل علي ذلك الاقبال الهائل علي معرض الكتاب والبيع بمبالغ كبيرة جدا في هذا العام وهذا ليس معناه أن الكتاب الالكتروني ليس موجودا بل له وجود أيضا في المعرض وعليه اقبال شديد.
وياتي دور السفير الايطالي إنطونيو باديني ضيف شرف معرض الكتاب فهو لايؤكد الاتجاه نحو زيادة الكتاب الالكتروني بل يجب أن نشجع هذا الاتجاه لأنه أمر حتمي فجميع القراء الآن مهتمين بالكمبيوتر, وعلي سبيل المثال كتب الاطفال والشباب عن طريق الوسائل الالكترونية وهذا يشجع الشباب لانه سوف يكون له تأثير أفضل من الفيديو جيم والالعاب الالكترونية ولهذا ففي الاتفاقيات بين الناشرين المصريين والايطاليين يفضل دائما الكتاب المحتوي علي رسومات ولكن في نفس الوقت لانريد انخفاضا في الكتاب الورقي ولهذا سندرس في المستقبل كيفية الاعلان عن الكتب عبر الصحف وسنعلن عن الكتب التي يمكن أن تترجم وتمثل أهمية في مصر والعكس صحيح كما سنحاول اقناع الصحف بان تقوم ببيع الكتاب بسعر رمزي مع نسخة الصحيفة نفسها وبهذا نضمن زيادة مبيعات الكتب سواء الكتاب الالكتروني أو الورقي.
ونصل إلي مشعل الشميسي المسئول عن [جناح] مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الذي يقول: العالم في زمن العولمة ضئيل جدا, وبلمسة زر واحدة يمكن الاطلاع علي كل ما يحتويه, ونحن كمسئولين ادركنا منذ سنوات أن المستقبل للكتاب الإلكتروني, وأقمنا منذ أكثر من ثماني سنوات معرضا للكتاب الالكتروني, وكنا أول دائرة في المملكة وفي الشرق الأوسط بأكمله تقيم معرضا للكتاب الإلكتروني, بل اننا قبل عامين أقمنا محاضرة عن الحكومة الالكترونية تقوم علي الاستغناء عن الورقيات والعمل بالوسائل الالكترونية في كل الإجراءات.
ويقول د. إبراهيم عوض الأستاذ بآداب عين شمس: حتي الآن مازلنا نحتاج إلي الكتاب الورقي, ذلك أن شبكة الإنترنت لم تنشر فيها حتي الآن كل الكتب الورقية, وهي أكبر مما يمكن أن يتم نشرها في زمن قصير, ويوم يتم أن ذلك فإنني أعتقد أن الغلبة ستكون للكتاب الالكتروني علي المشباك شبكة الإنترنت. وإن كان سيظل ـ في رأيي ـ للكتاب الورقي مكان للقراءة في الأماكن التي لا يتوافر فيها جهاز الكمبيوتر, إلا إذا تقدم العلم تقدما يسمح بتوفير أجهزة الكمبيوتر والإنترنت. فإذا تم هذا وتم نشر كل الكتب القديمة والحديثة فعندئذ سينتهي الكتاب الورقي, وهذا تطور طبيعي إذا وقع, فلقد تطورت الكتابة والقراءة من النشر علي الأحجار والألواح إلي الكتابة علي العظام والجلود ثم الورق ثم الكمبيوتر.
وتؤكد د. فاطمة البودي صاحبة دار نشر: نعم, الكتاب الالكتروني أكثر انتشارا لفئات محدودة ولكن الكتاب الورقي هو الأبقي لما له من علاقة حميمة مع القاريء أو مع مقتني الكتاب الورقي والمهتم باقتنائه ومن مساويء النشر الالكتروني أنه يتطلب القراءة في مكان محدد. وبطريقة محددة أما الكتاب الورقي فتصطحبه معك في القطار وفي غرفة النوم وفي كل مكان وهذا ينتفي في الكتاب الالكتروني وأهم من ذلك ان الكتاب الورقي يعطيك عمق المعرفة والتأمل أما الكتاب الالكتروني أو النشر الالكتروني فيمكنك من ان تأخذ فكرة عن الموضوع لا أن تتعمق في دراسة الكتاب.
وفي البلاد العربية التي بها نسبة أمية عالية لا يستفيد الجمهور من الكتاب الالكتروني الذي يحتاج لتكنولوجيا معقدة استفادة تامة والكتاب الالكتروني ممكن ان يكون اشارة ومكملا للكتاب الورقي, فعلي سبيل المثال كتاب الدكتور نبيل علي تقانة المعلومات والثقافة رؤية عربية كتاب يرقي إلي الدراسة المتعمقة ولذلك ارفقنا به (سي دي- الكتاب الالكتروني) وهو لا ينقل المحتوي الكامل للكتاب ولكنه يعرض للافكار المهمة للكتاب برسومات بيانية شارحة ومستفيضة وجذابة تعطي خلاصة الكتاب.
المستقبل ـ رغم اي شيء ـ للكتاب الورقي وهو يكمل ـ بشكل ما ـ الطريق إلي الكتاب الالكتروني.
تنتهي إجابات المثقفين وتبقي القضية حائرة, المستقبل لمن حقا؟ هذا ماسيجيب عليه الزمن.
نقلا عن: الأهرام، 1/2/2007 ، صفحة: ثقافة وفنون