‏إظهار الرسائل ذات التسميات قراءة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قراءة. إظهار كافة الرسائل

١٢ مايو ٢٠١٢

العربي، إن قرأ لا يفهم


العربي، إن قرأ لا يفهم
ماذا يجمع بين مؤسسة الفكر العربي ومركز الامارات للدراسات والابحاث الاستراتيجية ومؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين للابداع الشعري ومؤسسة عبدالحميد شومان ومطبوعات عبدالمقصود خوجة، وغيرها كثير؟
يجمع بينها التفاؤل، فالمشرفون عليها يبذلون جهداً فائقاً لنشر كتب ذات فائدة للعالم العربي، إن بتشجيعه على مواكبة العصر الحديث، او بإحياء الآثار الفكرية للامة والمحافظة عليها.
غير ان العربي لا يقرأ، وإن قرأ لا يفهم ثم ينام بعد الظهر، ويستيقظ ويأكل وينام ليحافظ على صحته (اكثر الذين يرسلون إليّ رسائل ذات مواضيع دينية يرتكب اكبر عدد من الأخطاء في الصرف والنحو ومعاني الكلمات مع ان بين يديه المرجع الاول للغة، او المرجع الذي حفظ هذه اللغة).
الكل قرأ تقارير دولية تظهر ان اليونان، وسكانها 11 مليوناً، تطبع من الكتب وتقرأ اكثر من 300 مليون عربي. وأذكر مقارنة مماثلة مع اسبانيا، وسكانها 46 مليوناً. غير انني اريد ان اكون متفائلاً بدوري، وأترك اليونان وإسبانيا للسياحة لا للقراءة، وأتوكأ على برنامج التنمية التابع للامم المتحدة، فعنده جداول عن القراءة، وأمامي واحد عن 187 دولة تحتل فيها قطر المركز 37، وهو انجاز، إلا ان قطر اقل الدول العربية في عدد السكان، ويحتل السودان آخر مرتبة عربية ويحمل الرقم 169. في المقابل اسرائيل في المركز 17 وتتقدم على ثلاثة ارباع الدول الاوروبية. البحرين (42) والمملكة العربية السعودية (56) والكويت (63) وبعدها مباشرة ليبيا، ولبنان (71) وعمان (89) وتونس (94) وبعدها مباشرة الاردن ثم الجزائر. اما مصر، أم الدنيا، فلها المركز 113 وبعدها مباشرة الاراضي الفلسطينية المحتلة، ثم المغرب (130) والعراق (132) واليمن (154).
أعود الى ما بدأت به، وعلاقتي مباشرة مع مؤسسة الفكر العربي ومؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين، فأنا عضو مجلس ادارة في كل منهما، وقد كتبت في هذه الزاوية عن كتب مهمة مفيدة من اصدارهما سنة بعد سنة، وبما ان دراستي ادبية، فالاصدارات الجديدة لمؤسسة البابطين موضع اهتمامي الشخصي.
مركز الامارات للدراسات والابحاث الاستراتيجية الذي يرأس تحريره الدكتور جمال سند السويدي ربما كان انشط المؤسسات البحثية التي اتعامل معها مباشرة، فهو يصدر بحوثاً ودراسات، وكتباً مترجمة تتناول مواضيع اهتمامه، ويعد الكوادر البحثية، فأتلقى منه بين شهر وآخر مجموعة من الكتب بعضها دراسات في 80 صفحة وأخرى في 600 صفحة او اكثر، وأختار ما يفيدني في العمل، وقد أراجع بعض الكتب، ثم اوزع على الزملاء بعضاً آخر. وأنا اكتب الآن في مكتبي وأمامي ما لا يقل عن 50 كتاباً من اصدار مركز ابو ظبي.
ما دفعني الى الكتابة عن الموضوع اليوم انني ذهبت الى دبي ومعي حقيبة ثياب وزنها عشرة كيلوغرامات، وعدت بها وهي تزن 25 كيلوغراماً لما زاد فيها من الكتب، ومعي حقيبة يد اصغر ربما كان وزنها 12 كيلوغراماً آخر.
لم تكن الكتب كلها من اصدار منتدى الاعلام العربي، فقد اخترت من اصداراته «نظرة على الاعلام العربي 2011-2015» بالعربية والانكليزية، وحملت معي ما اهداني الزملاء والأدباء والكتاب المشاركون. فبدأت اقرأ في طائرة العودة «المشترك التوحيدي والضمير الانساني» للأخ صلاح سالم الذي سبق ان اهداني كتابه «الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية». واخترت من مجلات ثقافية «الواحة» و «مرآة الخليج» و «الاعلام والعصر»، ومعها مجلة «عروس اليمن» لأنني لا اعرف شيئاً يذكر عن نساء اليمن. وعدت الى مكتبي ووجدت انني اهديت «احداث الذاكرة» للأخ محمد عبدالله الارياني، و «نصف مواطن محترم» للأخ هاني نقشبندي وإصدار دار الساقي، و «سيرة عمل سياسي» وهو ذكريات الأخ عطا عبدالوهاب بين بغداد وعمان.
أخونا عبدالمقصود خوجة دار نشر من رجل واحد وإصداراته مقسّمة بين مكتبي وبيتي، وعادة ما احمل كتباً للقراءة في الطائرة حيث لا اعرف ان انام او استريح.
كله مهم، والإخوان الذين يقفون وراء العمل متفائلون من دون سبب واضح، ومع ذلك يُشكرون على جهدهم، فلا ارجو سوى ان يكافأوا بارتفاع معدلات القراءة في بلادنا.
ماذا يجمع بين مؤسسة الفكر العربي ومركز الامارات للدراسات والابحاث الاستراتيجية ومؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين للابداع الشعري ومؤسسة عبدالحميد شومان ومطبوعات عبدالمقصود خوجة، وغيرها كثير؟
يجمع بينها التفاؤل، فالمشرفون عليها يبذلون جهداً فائقاً لنشر كتب ذات فائدة للعالم العربي، إن بتشجيعه على مواكبة العصر الحديث، او بإحياء الآثار الفكرية للامة والمحافظة عليها.
غير ان العربي لا يقرأ، وإن قرأ لا يفهم ثم ينام بعد الظهر، ويستيقظ ويأكل وينام ليحافظ على صحته (اكثر الذين يرسلون إليّ رسائل ذات مواضيع دينية يرتكب اكبر عدد من الأخطاء في الصرف والنحو ومعاني الكلمات مع ان بين يديه المرجع الاول للغة، او المرجع الذي حفظ هذه اللغة).
الكل قرأ تقارير دولية تظهر ان اليونان، وسكانها 11 مليوناً، تطبع من الكتب وتقرأ اكثر من 300 مليون عربي. وأذكر مقارنة مماثلة مع اسبانيا، وسكانها 46 مليوناً. غير انني اريد ان اكون متفائلاً بدوري، وأترك اليونان وإسبانيا للسياحة لا للقراءة، وأتوكأ على برنامج التنمية التابع للامم المتحدة، فعنده جداول عن القراءة، وأمامي واحد عن 187 دولة تحتل فيها قطر المركز 37، وهو انجاز، إلا ان قطر اقل الدول العربية في عدد السكان، ويحتل السودان آخر مرتبة عربية ويحمل الرقم 169. في المقابل اسرائيل في المركز 17 وتتقدم على ثلاثة ارباع الدول الاوروبية. البحرين (42) والمملكة العربية السعودية (56) والكويت (63) وبعدها مباشرة ليبيا، ولبنان (71) وعمان (89) وتونس (94) وبعدها مباشرة الاردن ثم الجزائر. اما مصر، أم الدنيا، فلها المركز 113 وبعدها مباشرة الاراضي الفلسطينية المحتلة، ثم المغرب (130) والعراق (132) واليمن (154(.
أعود الى ما بدأت به، وعلاقتي مباشرة مع مؤسسة الفكر العربي ومؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين، فأنا عضو مجلس ادارة في كل منهما، وقد كتبت في هذه الزاوية عن كتب مهمة مفيدة من اصدارهما سنة بعد سنة، وبما ان دراستي ادبية، فالاصدارات الجديدة لمؤسسة البابطين موضع اهتمامي الشخصي.
مركز الامارات للدراسات والابحاث الاستراتيجية الذي يرأس تحريره الدكتور جمال سند السويدي ربما كان انشط المؤسسات البحثية التي اتعامل معها مباشرة، فهو يصدر بحوثاً ودراسات، وكتباً مترجمة تتناول مواضيع اهتمامه، ويعد الكوادر البحثية، فأتلقى منه بين شهر وآخر مجموعة من الكتب بعضها دراسات في 80 صفحة وأخرى في 600 صفحة او اكثر، وأختار ما يفيدني في العمل، وقد أراجع بعض الكتب، ثم اوزع على الزملاء بعضاً آخر. وأنا اكتب الآن في مكتبي وأمامي ما لا يقل عن 50 كتاباً من اصدار مركز ابو ظبي.
ما دفعني الى الكتابة عن الموضوع اليوم انني ذهبت الى دبي ومعي حقيبة ثياب وزنها عشرة كيلوغرامات، وعدت بها وهي تزن 25 كيلوغراماً لما زاد فيها من الكتب، ومعي حقيبة يد اصغر ربما كان وزنها 12 كيلوغراماً آخر.
لم تكن الكتب كلها من اصدار منتدى الاعلام العربي، فقد اخترت من اصداراته «نظرة على الاعلام العربي 2011-2015» بالعربية والانكليزية، وحملت معي ما اهداني الزملاء والأدباء والكتاب المشاركون. فبدأت اقرأ في طائرة العودة «المشترك التوحيدي والضمير الانساني» للأخ صلاح سالم الذي سبق ان اهداني كتابه «الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية». واخترت من مجلات ثقافية «الواحة» و «مرآة الخليج» و «الاعلام والعصر»، ومعها مجلة «عروس اليمن» لأنني لا اعرف شيئاً يذكر عن نساء اليمن. وعدت الى مكتبي ووجدت انني اهديت «احداث الذاكرة» للأخ محمد عبدالله الارياني، و «نصف مواطن محترم» للأخ هاني نقشبندي وإصدار دار الساقي، و «سيرة عمل سياسي» وهو ذكريات الأخ عطا عبدالوهاب بين بغداد وعمان.
أخونا عبدالمقصود خوجة دار نشر من رجل واحد وإصداراته مقسّمة بين مكتبي وبيتي، وعادة ما احمل كتباً للقراءة في الطائرة حيث لا اعرف ان انام او استريح.
كله مهم، والإخوان الذين يقفون وراء العمل متفائلون من دون سبب واضح، ومع ذلك يُشكرون على جهدهم، فلا ارجو سوى ان يكافأوا بارتفاع معدلات القراءة في بلادنا.
جهاد الخازن، الحياة، 12/5/2012

٢ مارس ٢٠١١

مبادئ تعليم القراءة؟

مبادئ تعليم القراءة؟

الكتاب: كيف نقرأ ولماذا؟ - المؤلف: هارولد بلوم - المترجم: نسيم مجلي - الناشر: المركز القومي للترجمة - القاهرة – 2010
عرض وتحليل: ممدوح عزام
على الرغم من أن الناقد الأميركي المعروف هارولد بلوم يقر بأن عدد القراء في العالم يتناقص باستمرار، أو أن عددا منهم بدأ يقرأ من الكومبيوتر، فإن كتابه هذا يتوجه إلى تلك البقية من القراء والقارئات، الذين ما زالوا راغبين، بوجه ما من الوجوه، بقراءة الكتاب الورقي. وإذا كانت القراءة أعظم المتع التي تتاح لنا في أوقات العزلة، فهي متعة شافية، أي أنها تصبح قادرة على التخفيف من مصاعب العزلة برد المرء إلى الاختلاف، سواء داخل ذاته، أو هؤلاء الذين يقرأ لهم، والاختلاف في رأي بلوم يمكن أن ينشئ الحوار الضروري للخروج من أي عزلة.
قبل أن نعرف لماذا نقرأ، يجب أن نتحرى كيف نقرأ؟ ثمة مجموعة من المبادئ الضرورية، والمبدأ الأول: «طهر نفسك من اللغو» وأما اللغو الذي يعنيه فهو الثقافة السائدة، وخاصة الثقافة الأكاديمية السائدة، التي تؤكد على العابر والمؤقت عديم القيمة من الناحية الإنسانية، أما المبدأ الثاني فهو التالي: لا تحاول إصلاح أمر جارك بما تقرأ أو كيف تقرأ. لماذا؟ لأن إصلاح الذات مشروع كبير بما يكفي لأن تشغل عقلك وروحك به. ثم لا تخش من أن تكون حريتك في القراءة معبرا للناس إلى النصوص التي تقرأها، فالناس وليست الكلية هم وطن الكاتب. لكن لا بد أن يكون الشخص مبتكرا، لكي يكون قارئا جيدا، وهذا هو المبدأ الرابع، فالقراءة الخلاقة تعني أن يتمكن القارئ من رؤية الفراغ داخل النص الأدبي، ولا يمكن أن يتوفر هذا إلا إذا امتلك الثقة بالنفس، فهي التي تجعله قادرا على استقبال النصوص بعيدا عن أي آيديولوجيا، فلكي تقرأ عواطف إنسانية بلغة إنسانية، لا بد أن تكون قادرا على أن تقرأ قراءة إنسانية. فمهما كانت معتقداتك، فأنت أكبر من أي آيديولوجيا، حيث إن الآيديولوجيا بشكلها الضحل، تعد عامل تدمير بالنسبة لقدرتنا على الفهم، وهنا يأتي دور المبدأ الخامس وهو التعرف إلى الحس الساخر لدى معظم الكتاب الكبار، لدى شكسبير كما لدى توماس مان، إن سخريات شكسبير مثلا، هي أكثر السخريات شمولية في الأدب الغربي، لكنها لا تحول بيننا وبين ما تعبر عنه من عواطف شخصياته. أخيرا يجب أن نقرأ كأننا نستطيع أن نعود أطفالا، فالطفل المغرم بالقراءة، إذا صادف ديفيد كوبرفيلد في رواية ديكنز، فإنه سيقرأ من أجل القصة والشخصيات، وليس من أجل التكفير عن الذنب، أو لإصلاح المؤسسات الفاسدة.
يأتي الآن السؤال: لماذا نقرأ؟ نحن نقرأ وهدفنا تقوية النفس، والتعرف على غاياتها العليا، وهذا جانب نفعي يترافق بالضرورة مع جانب جمالي، يضمن المتعة للقارئ، على أن متعة القراءة متعة ذاتية، وليست اجتماعية، فأنت لا تستطيع تغيير حياة الآخرين عن طريق القراءة الأفضل، ومن هنا يمكن الحديث عن محنة القراءة المهنية، كما يسمي بلوم القراءة ذات الطابع الأكاديمي، حيث يندر تعليم القراءة من أجل المتعة، ومن خلال ذلك يمكن للمرء أن يكتشف ما يمكن الانتفاع به في التفكير العميق وإمعان النظر، والذي يخاطبك كما لو كنت تشارك في طبيعة واحدة، بعيدا عن طغيان الزمن، وهنا فقط يمكن للقارئ أن يعثر على شكسبير وأن يدعه يعثر عليه.
يدعي هارولد بلوم أنه يريد، بل إنه يعلمنا كيف نقرأ، وذلك عبر حشد العشرات من الأمثلة والشواهد من الأدب العالمي، دون أن يعني ذلك أنه يحشر القارئ داخل قوائمه الخاصة. وهي قوائم تضم عددا من الروايات والقصص والقصائد والمسرحيات، على أن الروايات والقصص هي التي تأخذ الحيز الأكبر من كتابه، والسبب المعلن هو أن الروايات تحتاج إلى القراء أكثر من القصائد، ولهذا يجد أن مهامه تتجسد في التعريف والدعوة إلى قراءة الروايات، دون أن يخفي خشيته من أن تختفي الروايات من دائرة الاهتمام البشري، وهنا تكتسي لغته بنغمة رثائية حزينة، فإذا كان قدر على الروايات أن تختفي فعلا، فدعنا نكرم الروائيين لأجل قيمهم الروحية والجمالية. أما أعظم الروائيين الذين يمكن البدء بهم فهو ميغيل دي سرفانتس في «دون كيشوت» لماذا «دون كيشوت»؟ لأن هذه الرواية تركت تأثيرا لاحقا في التاريخ الأدبي اللاحق أكثر من أي رواية، إذ لا يمكن أن نتصور أيا من أعمال فيلدنغ أو سموليت أو ستيرن أو ستندال أو فلوبير أو هيرمان ملفيل أو مارك توين أو دستويفسكي أو تورجينيف أو توماس مان دون أن نلاحظ حضور هذه الرواية، فدون كيشوت يجسد الإحساس التراجيدي للحياة، وجنونه ما هو إلا اعتراض على حتمية الموت، وفي كل منا قدر من شخصية دون كيشوت، أو تابعه سانشو بانزا، وهناك جوانب في أنفسنا لن نعرفها، إلا بعد قراءة هذه الرواية. ولكن هل من الصحيح أن رواية «الجريمة والعقاب» لدستويفسكي هي أفضل الروايات البوليسية على مدى قرن ونصف؟ من الصعب أن يقبل القارئ الحصيف مثل هذا الرأي، بعد أن يقرأ هذه الرواية، فالمعالجة التي يقدمها دستويفسكي للحدث في روايته لا تأخذ من الرواية البوليسية سوى بعض العناصر الحكائية، ولعل إصرار الناقد الكبير هنا على هذا الاستنتاج، هو الذي يدفعه للقول فيما بعد إن دستويفسكي يتميز دائما في كتابة البدايات، ويكون مدهشا في تطوير الأجزاء الوسطى من رواياته، ولكنه ضعيف بصورة ملحوظة في وضع النهايات. وبالمقابل فإن شخصية إيزابيل آرتشر، بطلة رواية «صورة سيدة» لهنري جيمس، هي أعظم شخصية شكسبيرية في رواياته. وقد قال جيمس إن إيزابيل «وريث كل الأجيال» فهي تجذب الكثيرين منا إنها النموذج الأول لكل تلك الفتيات في الروايات، وفي واقع الحياة، اللاتي يستبد بهن الشوق. يجب أن نلاحظ هنا أن الناقد يقسم الشخصيات الروائية في التاريخ الأدبي بين سرفانتس وشكسبير، وبالمثل فإن الطريقة الأفضل لقراءة رواية مارسيل بروست «البحث عن الزمن المفقود» تبدأ من رؤية معاناة الشخصية للغيرة، إن أعظم المؤلفين الغربيين براعة في تجسيد الغيرة الجنسية هما شكسبير وبروست. كما أن هانز كاستورب بطل رواية «الجبل السحري» لتوماس مان يجسد لنا مثلا أعلى عن ثقافة التطور الذاتي، حيث يمكن للفرد أن يدرك إمكاناته. فالرغبة الجامحة لمواجهة الأفكار والشخصيات تتحد في هذه الشخصية، مع قدرة روحية هائلة.
الغريب أن هارولد بلوم ينكر أن يكون بوسع الكتاب المعاصرين تقديم ما يستحق أن يقرأ، بموازاة ما يقدمه كتاب الماضي، وهو أحد الآراء التي تشيع في كل زمان، ولهذا نراه يتجاهل الرواية المعاصرة في معظم أرجاء العالم، فلا يأتي على ذكر الرواية في أميركا اللاتينية، أو الرواية في اليابان، أو الرواية الأفريقية، ولا يشير بالطبع إلى الرواية العربية، ويكتفي بتقديم ست روايات أميركية، تبدأ من «موبي ديك» لهرمان ملفيل، وتنتهي إلى توني موريسون في «أنشودة سليمان» ينحو خلالها نحو التعميمات المطلقة التي تقول مثلا: لا أظن أن هناك إنجازا جماليا لكاتب من كتاب القرن العشرين يتفوق على رواية «عندما أرقد محتضرة» لوليم فوكنر.
مع ذلك يبقى الكتاب دعوة حارة للقراءة، توجه إلى كل واحد منا على انفراد، وبصوت هامس بعيد عن الضجيج والصخب.
الشرق الأوسط ، 27/2/2011

١٦ يناير ٢٠١١

نصف ساعة للقراءة يا عرب

نصف ساعة للقراءة يا عرب
د. عائض القرني

اقترح على الشعب العربي العظيم من المحيط إلى الخليج وأقترح على الأمة العربية، الأمة الواحدة ذات الرسالة الخالدة، لكنها راقدة وخامدة وهامدة، أقترح عليهم جميعا، حكاما ومحكومين كبارا وصغارا رجالا ونساء، أن يخصصوا نصف ساعة فقط في اليوم للقراءة الحرة، وهذه النصف الساعة تكون فقط للقراءة في كتاب مفيد بحيث ينقطع القارئ عن العالم الخارجي، نصف ساعة فحسب فلا يرد على جوال، ولا يستقبل صديقا ولا يتحدث مع أحد، بل ينهمك بهذه الثلاثين دقيقة في مطالعة المعرفة والتزود من الثقافة، وسوف يجد القارئ أثرها بعد أيام على عقله وفهمه وحياته عموما، وسوف تتسع نظرته وينشرح صدره ويعيش متعة مصاحبة الحرف ولذة التعرف على أسرار الكون وقدرة الباري عز وجل، ويطلع على كنوز العلماء والحكماء والأدباء والشعراء والفلاسفة، وينتقل من عالم الجهل والسقوط والابتذال والفوضوية والهامشية إلى دنيا الحقيقة والبرهان وسماع المعرفة وجنات اليقين ومراقي الصعود في سلم الإيمان وعمار النفس وصلاح الضمير وانشراح الروح، وأنا لا أطالب الشعب العربي العظيم إلا بنصف ساعة فقط لأنهم مشهورون بالفرار من القراءة والاشمئزاز من الكتاب، حتى قال وزير دفاع الصهاينة موشيه ديان: العرب لا يقرأون.
وأنا أعتقد أن نصف الساعة كل يوم للقراءة النافعة مفيدة ومباركة وسوف تؤتي ثمارها، ولن أطالبهم بأكثر من هذا؛ فليسوا ألمانيين ولا فرنسيين ولا إنجليزيين يصبرون على القراءة، بل يتلذذون بها الساعات الطويلة في الباص والقطار والطائرة والبيت والمكتب والمطعم، حتى إنني أصبحت إذا سافرت أميز بين العربي والأوروبي، فإذا رأيت من يلتفت يمينا وشمالا ويتحدث كثيرا عن الجو وعن درجات الحرارة وأسعار العقار وأخبار الدرهم والدينار، والريال والدولار ويسأل عن الإخوان والخلان والأحباب والجيران عرفت أنه عربي، وإذا رأيته أخرج كتابه واستغرق في القراءة وأخذ يقلب الصفحات ويسجل أحيانا بالقلم ولا يتدخل في شؤون الآخرين، ولا يبصبص بعينيه ولا يلتفت نحوه ولا يبصق بين يديه عرفت أنه أوروبي. أرجو من الشعب العربي العظيم أن يمنحنا من وقته كل يوم نصف ساعة للقراءة فيأخذ ثلاثا وعشرين ساعة ونصف الساعة لراحته وسواليفه التي لا تنتهي وحكاياته التي لا تنفد وسمره وسهره، وأرجو من العربي أن يبدأ في قراءته برسالة النبي العربي الكريم محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، ثم يتزود من كل علم ومعرفة. آمل من الأمة العربية أمة الصمود والتصدي، والطموح والتحدي، والانتصارات من عهد جدي أن ينصتوا لهذه النصيحة، وسوف تتحول مجتمعاتنا إلى أمة من العقلاء النبلاء الحكماء، ونقلل من عدد الطائشين السفهاء والجهلة الأغبياء والحمقى البلداء، بالعلم وحده نرتقي ونتقدم، قال تعالى: «اقرأ باسم ربك الذي خلق». وقال تعالى: «وقل رب زدني علما» وإذا قرأنا وفهمنا سوف يعترف بنا العالم، ويحترمنا الجميع، ونجلس في الصدارة، وتعود لنا القيادة والسيادة والريادة، أما إذا بقينا على وضعنا الراهن فسوف نبقى في عداد الدول النائمة والنامية والمنسدحة والمنبطحة والمستهلكة المشغولة بالأماني الخداعة والتفاخر الممقوت، والأحلام الوردية، والأفكار النرجسية، هيا يا عرب، نقرأ جميعا ومن اليوم نبدأ مشروع نصف ساعة للقراءة يوميا. اتفقنا؟
الشرق الأوسط ، 21/12/2010

٢٠ أكتوبر ٢٠١٠

أسبوع حافل لتشجيع القراءة في عموم النمسا

أسبوع حافل لتشجيع القراءة في عموم النمسا
«النمسا تقرأ وليكن لقاؤنا في مكتبة». هذا شعار مطروح بالنمسا في الفترة من 18 إلى 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وهو يعم كل مدنها وقراها بالتعاون بين المكتبات كافة، وبكل تخصصاتها، وبتنسيق مع كبار الأدباء والمشاهير بمن فيهم رئيس الجمهورية، الذي استقبل في مقر عمله بقصر الهوفبورغ مجموعات من أطفال المدارس وقرأ لهم قطعا أدبية.
هذا المشروع الأدبي الثقافي يهدف إلى تشجيع المواطنين على القراءة والاطلاع، وتحفيزهم على زيارة المكتبات العامة، التي فتحت أبوابها للزوار معلنة عددا من العروض، منها تزويد المكتبة الوطنية الفخمة بالعاصمة فيينا بـ3 ملايين كتاب مع إمكانات تصوير لقاء رسوم رمزية، بالإضافة إلى برنامج يسمح للراغبين بالبحث عن أنسابهم وجذورهم العائلية. كذلك تقدم مكتبة الجامعة الطبية مجموعات ضخمة من الكتب عن «طب الطوارئ»، لا سيما أن المناسبة تصادف الاحتفالات بالذكرى المئوية لهنري دونان، مؤسس الصليب الأحمر.
بل، ولجذب مزيد من الجمهور، سارعت بعض المراكز الاجتماعية والمسارح إلى تنظيم أمسيات في أجواء حميمية دافئة تمكن الحضور من الاسترخاء والاستمتاع بلقاءات حية مع كبار الأدباء الذين تطوعوا بقراءة مقتطفات وفصول من روايات وكتب لأشهر مؤلفاتهم. ثم إن بعض المقاهي التقليدية المشهورة بادرت إلى ترتيب فرص «فطور مع كتاب» بحيث يتسنى للزبائن اختيار كتاب يتصفحونه أثناء تناولهم وجبة فطور مميزة بهدوء تام في ركن من أركان المقهى.
الشرق الأوسط ، 20/10/2010

١ مارس ٢٠١٠

كسولة وكبسولة

كسولة وكبسولة
اقتحمَت اللغةَ، أو بالأحرى اللغاتِ جميعًا، كلمةٌ متعددة المدلول، غير صحيحة الاستخدام. أصبحنا نقول، في لغتنا اليومية، «ثقافة الجهل». ونعني أن الجهل لا ثقافة له. ونقول «ثقافة التوحش» ونعني أسوأ معاني التوحش. ونقول «ثقافة الغِنى» ونعني تجاهل الأغنياء للفقراء.
تنبهنا فإذا بناء نستخدم كلمة «ثقافة» كسابقة تعني كل شيء إلى ما تعنيه في الأصل. طبعا نقلنا الصيغة الخطأ عن اللغات الأخرى، لأن الصحافة تميل، بطبيعتها، إلى سهولتين: التقليد، والتمنع عن البحث. لكن ما الضرر، إذا كان الخطأ يبسط القدرة إلى الفهم؟ وأين الخطأ إذا كان استخدام كلمة واحدة يغني عن شرح مستطيل، ولو صحيحا؟
الضرر هو في التراكم. التسامح بخطأ بسيط يؤدي إلى أن نستخدم مع الوقت، لغة مؤلفة من مجموعة من الأخطاء. ويحدث ذلك بسبب غلوهم أيضا. فهم إما يتغافلون عما يشيع من أخطاء، بحيث تتحول إلى لغة أخرى يصعب تغييرها، وإما يطرحون كبدائل تعابير، ربما كانت من صلب اللغة، لكنها تنتمي إلى زمن لم يعد مألوفا.
عندما نقول «الثقافة الصحافية» نعني، في كل العالم، المعرفة السريعة، والاقتضاب، وعدم التعمق، والعلم القابل للخطأ أو للنقاش. فنحن نعيش في عصر لم يعد أحد فيه يكتب - أو يقرأ - الملاحم. ولا المطولات. ولا الروايات الكبرى. وأول مع يوصي به الناشرون اليوم «حول العالم»: اختصر. حاول ألا تزيد الرواية على 250 صفحة. الحجم المثالي 200 صفحة، لكي تسهل قراءتها على الطائرة أو في الباص أو في القطار.
عندما وضع تولستوي «الحرب والسلام» لم تكن الناس تقرأ في القطارات والطائرات. كانت تقرأ في الردهة أو على الشرفة، حيث لم يكن شيء آخر سوى القراءة. وكانت تقرأ في الحدائق. وكانت الناس تتأثر بما تقرأ وتفرح وتحزن وتبكي وتتشارك الأحزان. وكانت تحب الفرسان وتنتصر لهم وتصفق. وكانت تشعر بضرورة الانتقام للمظلومين والضعفاء. وهذا كله عصر مضى. لقد دفعتنا إيقاعات الحياة إلى ثقافة السرعة. وثقافة الركض. وثقافة النَّحل. من كل زهرة ذرّة. ولم تعد القراءة طقسا بل محطة مثل محطات الباص. والسرعة تولّد التسرع. لم يعد هناك مكان حقيقي للفكر والتأمل. لذلك وصلنا إلى مثل هذه الثقافة. كلمة كسولة واحدة صارت كبسولة لكل المشاعر والمعارف والأشياء.
سمير عطا الله ، الشرق الأوسط ، 14/2/2010

١٨ مايو ٢٠٠٩

مؤتمر النشــر في مصــر يدعــو لدراســة الميول القــرائية

مؤتمر النشــر في مصــر يدعــو لدراســة الميول القــرائية

بمشاركة ناشرين واكاديميين وخبراء مكتبات‏,‏ اوصي مؤتمر حركة النشر في مصر ـ الذي نظمته لجنة الكتاب والنشر بالمجلس الاعلي للثقافة الاسبوع الماضي ـ باعداد نموذج موحد لعقد النشر تعتمده الاتحادات المهنية المعنية بحقوق المؤلف والناشر‏,‏ ودعا المؤتمر الي دراسة الميول القرائية للاستفادة بمؤشراتها في انعاش توزيع الكتاب و تضمنت التوصيات التي قرأها في ختام اعمال المؤتمر نائب مقرر لجنة النشر ومدير مكتبة القاهرة الكبري محمد حمدي ـ المطالبة بتدعيم قدرات دور النشر بالتدريب والتأهيل اللازمين لاعداد هذه الدور بصورة متطورة وتوفير وسائل تحديث الصناعة‏,‏ وخفض تكاليفها واعفاء مستلزماتها من كافة الضرائب والرسوم الجمركية‏,‏ فضلا عن المطالبة برفع كفاءة منظومة توزيع الكتاب العربي في اقطاره العربية وفي العالم وتأسيس شركة توزيع كبري تحمل الكتاب المصري الي حيث يوجد القاريء‏.‏
وتضمنت التوصيات كذلك المطالبة بإلغاء المادة‏148‏ من القانون رقم‏82‏ لسنة‏2002‏ الخاص بحماية حقوق الملكية الفكرية حيث تسقط هذه المادة حماية حق المؤلف اذا لم يترجم كتابه إلي اللغة العربية خلال ثلاث سنوات من تاريخ النشر مما يمثل اهدارا لحق المؤلف بالمخالفة لالتزامات مصر الدولية‏,‏ كما دعت التوصيات الي وضع قوانين توائم التقنيات الحديثة من نشر رقمي والكتروني و ادخال مقرر التربية المكتبية الي المدرسة المصرية في مراحلها المختلفة‏.‏
وكان د‏.‏شعبان خليفة مقرر لجنة الكتاب والنشر بالمجلس الاعلي للثقافة قد افتتح اعمال المؤتمر بالاشارة الي ان عدد الكتب المنشورة في مصر في العقد الاول من القرن الحادي والعشرين يدور سنويا حول رقمي‏12‏ الفا و‏15‏الف كتاب‏,‏ يتوافر علي نشرها‏500‏ ناشر دائم والف ناشر من ناشري الصدفة او الفرصة‏,‏ الا ان كتب الثقافة العامة بما فيها كتب الاطفال لاتزيد علي‏20‏ في المائة من هذا الانتاج الي جانب‏40‏ فيالمائة من الكتب الجامعية و‏30‏ في المائة من الكتب المدرسية والمدرسية المساعدة و‏10‏في المائة مطبوعات حكومية‏,‏ علما بأن نسبة انتاج كتب الثقافة العامة في العالم تتجاوز‏70‏ في المائة واشار خليفة ايضا بأسف الي وضع حركة النشر في مصر علي خريطة النشر العالمي حيث يقدر عدد عناوين الكتب المنشورة عالميا بنحو مليون وثلاثمائة الف عنوان فيما يبلغ عدد الناشرين الدائمين في العالم‏50‏ الف ناشر‏.‏
واكد خليفة ان النشر في مصر يمر بأزمة متعددة الأبعاد في مراحله الثلاث‏:‏ التأليف والترجمة‏..‏ والتصنيع والانتاج‏..‏ والتوزيع والتسويق وقال ان الدراسات النشرية الحديثة تؤكد ان مصر ليست مجتمع معلومات فلا هي منتج اومصنع او مستهلك لها. ومن جانبه‏,‏ اشار د‏.‏ موريس ابوالسعد ومستشار مكتبات مبارك العامة الي ان النشر في مصر يشهد تطورا ملموسا في العقد الاخير من حيث العناوين وجودة الكتاب‏,‏ الا انه نبه الي ضعف الميول القرائية في المجتمع المصري وارتفاع سعر الكتاب مقارنة بدخل الفرد‏.‏
الأهرام، 17/5/2009

٧ فبراير ٢٠٠٩

قبل أن ينتهي معرض الكتاب‏..‏ هل غاب الكتاب العربي ؟

قبل أن ينتهي معرض الكتاب‏..‏
هل غاب الكتاب العربي ؟

لم أكن في حاجة لأستدعي كل ما يدور حولي بمعرض هذا العام عن الانكماش الاقتصادي ورياح التغيير المالي العالمي لأدرك أن الأزمة وصلت إلي الثقافة العربية أو‏ -‏ بشكل أكثر تحديدا‏ -‏ إلي الكتاب العربي‏..‏
والواقع أن أزمة الكتاب العربي -‏ النشر بالطبع -‏ ليست أزمة طارئة‏,‏ وإنما كانت تتراوح بين المد والجزر في الزمن الماضي‏,‏ غير ان العديد من التطورات كانت تدفع بها أكثر عندنا في المنطقة العربية‏,‏ ففي غيبة الوعي الحضاري بما يحدث لنا وبنا‏,‏ وفي حضور الأميات‏_‏ أبلغها الأمية الثقافية‏_‏ لم يتوقف مثقفونا عن التحذير مما تثيره الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية الكبري‏,‏ غير أننا مع انطلاق رياح التغيير ليس في أزمة القروض العالمية إنما مع آثارها كان لابد أن نجدد التنبه للخطر لما يحيق بنا ونحدد أكثر لمن لايعرف أو يعرف ولا يصدق آثار الأزمة الثقافية التي تحيق بنا‏..‏
وكانت أخطر مظاهر الأزمة تدهور حال الكتاب‏..‏ والواقع أن حال الكتاب كان في تدهور مستمر‏-‏ كما ذكرنا‏_‏ مع ما انتهي إليه حالنا‏,‏ غير أن أكثر مظاهره قسوة أتت مع هذه الأزمة الاقتصادية الأخيرة‏..‏ كانت مراقبة الواقع الثقافي لنا تشير إلي تدهور حالة الشباب العربي‏..‏ وهي‏'‏ حالة‏'‏ بدت أكثر قنوطا مما آل إليه الواقع مما زاد من سرعة عجلة التخلف‏..‏ ويمكننا أن نلاحظ هذا التراجع المحزن لحركة النشر في كثير من المظاهر حولنا‏,‏ ويمكن أن نشير في هذا إلي عاملين‏:‏
العامل الأول‏:‏ ما يمكن أن يلاحظه أي مراقب لحركة معارض الكتاب في العام الذي يغرب الآن‏,‏ وقد لفت نظري إلي ذلك أحد الناشرين حين فاجأني بأن آخر معرض ذهب إليه هناك‏ -‏ وأشار إلي الشرق العربي‏ -‏ خسر فيه الكثير‏,‏ وما يمكن أن يقال عني‏-‏ أشار الناشر -‏ يقال عن كثير من الناشرين‏..‏
ولم نكن في حاجة لنتعرف أكثر من خلاله علي مصير النشر العربي في الفترة الأخيرة‏,‏ فمن يتابع ما حدث في المعارض الدولية الأخيرة يلحظ هذه الخسارة العاتية التي تحيق بحركة الكتاب ليس في النشر وحسب وإنما أيضا في التأليف والترجمة والتوزيع‏..‏وما إلي ذلك مما يثري حركة نشر الكتاب العربي بشكل عام وجدنا هذا في معرض بيروت للكتاب ومعرض الكويت الدولي للكتاب ومعرض دمشق الدولي وما ينتظره في معرض الكتاب الدولي في مصر‏..‏ نجد هذه الأزمة ليس في غياب القارئ العربي وإنما قبله وأكثر دلاله علي ما يحدث لدي دور النشر السورية والعربية والغربية‏..‏ وهو ما نستطيع معه أن نشير إلي كثير من الظاهر التي تؤكد علي غياب حركة نشر الكتاب بشكل خاص‏..‏
لا نحتاج للبحث عن الكتاب في هذه المعارض لنكتشف غياب الكتاب‏(‏ كأداة ثقافية‏)‏ وحضور الخسارة المالية العاتية التي يعاني منها الناشرون فضلا عن المناخ الثقافي الذي نفتقده في هذه الظواهر الحضارية‏..‏ وما رأيناه في معارض الكتاب العربية في هذا العام نراه‏,‏ وسنراه‏,‏ ونحن نتهيأ لمناخ تصبح فيه بيروت العاصمة العالمية للكتاب‏2009..‏
إن ما كان هو هو ما سيكون علي اعتبار أن الواقع هو الحاضر المستمر‏..‏والحاضر المستمر هو هو‏ -‏ في امتداده الجغرافي او التاريخي -‏ يعكس المستقبل ويؤكده‏..‏
لقد أصبح المناخ العربي العام يعاني من الأمية الثقافية التي نتجت‏_‏ لا علي الأزمة الاقتصادية‏_‏ وحسب‏,‏ وإنما لتعميقها في هذه الظروف من أثر الويب وغزو الفضائيات وتدهور مستوي الدخل الفرد إزاء ارتفاع سعر الكتاب وعزوف السلطة المسئولة عن الثقافة في تعزيز دور الكتاب‏,‏ والقيام بصدور طبعات شعبية تمكن القارئ من الحصول عليها بكثير من اليسر وما الي ذلك من المؤثرات التي كان يمكن أن تحول بين المثقف والوصول إلى "حالة"‏ ميلودرامية تؤكد علي ما أصاب الكتاب العربي من الغياب‏,‏ ومن ثم‏,‏ ما أصاب المثقف العربي الذي نستحضره في الأجيال الجديدة خاصة‏..‏
وهو ما يصل بنا الي العامل الآخر‏..‏ونقصد به‏,‏ الإمعان أكثر مع الأزمة الاقتصادية وتداعياتها علي المستوي الثقافي إلي انصراف الشباب أكثر إلي وسائل تبدو‏ -‏ في الإطار العام -‏ أنها تعكس التقدم والتطور الاليكتروني الحديث في حين أنها تؤكد غياب الوعي الثقافي أو تأكيد هذه الأمية الثقافية التي أصبحت سائدة في هذه الفترة التي نعيشها‏..‏
لم نكن في حاجة في نهايات عام‏2008‏ لنعود إلي محركات البحث‏ -‏ علي سبيل المثال -‏ لنري إلي أي مدي ينصرف وعي الشباب واتجاهاتهم‏..‏ وهو الوعي والاتجاه الذي يؤكد علي غياب الثقافة‏,‏ سواء في شكل الكتاب‏,‏ أو في شكل المعرفة بشكل عام‏..‏ ولا نحتاج للتدليل علي هذا حين نرصد بعض التقارير السنوية لعملية البحث أو مراقبة حركة الشباب علي المواقع المختلفة لندرك أن أول اهتمام لدي الشباب لأكثر مواقع تم البحث عنها في بلد كمصر تشير إلي واقع مؤسي‏..‏ إن أول اهتمامات الشباب جاءت إلي المواقع الرياضية‏,‏ ثم إلي مواقع المرأة و‏'‏الطبخ‏'‏ ثم تباينت درجة الاهتمامات حين نحاول رصد تتابعها مع ميادين ومواقع ليس لها في جانب الثقافة العامة أي نصيب‏..‏
لا نريد أن نعرض لعديد من الموضوعات والنتائج التي تشير إلي غياب الوعي الثقافي والي حضور الأمية الثقافية لدي شبابنا في عصر تحالفت فيه ضدنا‏,‏ ليس آثار الأزمة الاقتصادية العالمية وآثارها المريعة وحسب وإنما‏ -‏ قبل هذا وبعده‏ -‏ تعميق هذه الأمية التي نواجهها من الداخل‏..‏ لدي اهتمامات شبابنا الذي ينصرف عن الكتاب إلي وسائل أخري ليس لها أية علاقة ثقافية ايجابية بالوسائل الأخري علي الفضاء الرقمي في المواقع الشاسعة‏.‏
د. مصطفى عبدالغني ، الأهرام ، 8/2/2009

١ فبراير ٢٠٠٩

في أزمة القراءة و دلالاتها المختلفة

في أزمة القراءة و دلالاتها المختلفة
لا نريد في هذه المقالة مناقشة الإحصائيات و مدى صحتها أو خطئها، و نحن نقر منذ البداية بأن نسبة القراءة والقرّاء هي نسبة متدنية في مجتمعاتنا العربية و الإسلامية عموماً، لكننا مع إقرارنا بهذا الأمر نريد أن نناقشه هذه المرة من منظور مختلف عن ذاك الذي اعتدنا أن نراه في الدراسات و المقالات الكثيرة التي تتحسر على واقع القراءة و تندب و تتهم المجتمع و أفراده بالجهل.
http://almokhtsar.com/news.php?action=show&id=8076
موقع (المختصر) ، 13/1/2009

كلها شاشات

كلهـــا شاشـــات
انتميت إلى عدة عصور. أفقت أولا على شيء يسمى الراديو. صندوق جميل له ضوء وأزرار، يرسل الموسيقى والأغاني. لكن لكي تستمع العائلة إلى الراديو كان على الجميع أن يتحلقوا حوله. ثم جاء الترانزيستور من اليابان. ولم يعد للراديو الضخم ضرورة ولا حتى للكهرباء. بطارية صغيرة تكفي. ثم دخلنا عصر الشاشة، ولم نخرج بعد. جاء التلفزيون ومعه الصوت والصورة. وراح كل شيء يطور على هذا الأساس: الشاشة! وكيفما ذهبت أو أتيت أرى حولي الآن عالماً من الشاشات: التلفزيون، الانترنت، الجوال، دليل السير في السيارة، لوحة الإذاعة في السيارة. كل ما حولك وما حولي.
أدخل أحيانا إلى سهرة فأرى أصدقائي جميعاً أمام شاشاتهم. واحد يقرأ عليها كتبه. وواحد يقرأ صحفه. وواحد يراجع نتائج المباريات حول العالم. وواحد يلعب الورق. وواحد يحضر فيلمه المفضل. وواحد يراجع الرسائل التي لم يقرأها بعد. وواحد يتابع آخر حالات السوء في السوق.
لا أحد من دون شاشته. أو من دون «البلاكبيري». وكما قال أحد الكتّاب الأميركيين فإننا عشنا عقوداً طويلة مع غوتنبرغ الذي اخترع المطبعة والآن انتقلنا من عصر الكتاب إلى عصر الشاشة. ومن القراءة إلى المشاهدة.
أعتقد أن «الشاشة» سوف تغير حياتنا بعد حين. لن تعود «القراءة» هي ما نعرف اليوم، بل سوف تصبح نوعاً آخر من القراءة ونوعاً آخر من الثقافة. ولا أدري أيهما أفضل أو أيهما أعمق أو أيهما أكثر فائدة: أن تحمل المكتبة العامة إليك أو أن تذهب إلى عالمها الباهر، أن تتنقل سريعاً بين الكتب أو أن تعيش معها وتشتمّ عبق التاريخ والعبقريات والتعب الذي تحمله.
ربما لم يعد ذلك ضروريا الآن. ففي عالم الازدحام هذا نهرق الوقت في الطريق إلى المكتبة وليس بين الكتب. وفي أي حال فقد أصبحت المكتبات بلا مستقبل، ليس فقط بسبب الانترنت، بل كما لاحظ الناقد عبده وازن، بسبب كثرة المعارض التي يذهب إليها الناس ليأخذوا منها «مؤونتهم».
سوف تقرأ الناس أكثر على الشاشة لكن مفهوم القراءة لن يبقى كما هو. عالم الشاشة متسع وليس عميقاً مثل عالم غوتنبرغ. وليس جميلا مثله. وهو أيضا بلا عبق.
سمير عطا الله، الشرق الأوسط ، 9/12/2008

الحق في عدم القراءة

الحق في عدم القراءة
منذ عقود وأنا اقرأ مقالا واحدا بأقلام كثيرة، وهو أننا شعب لا يقرأ. وتلك كانت شهادة موشيه دايان فينا ويتناقلها الكتاب والناشرون والموزعون والوراقون العرب كلما تأملوا في بياناتهم المالية. ويميل خبراء الإحصاء إلى المقارنة بيننا وبين أحفادنا في إسبانيا أو مزارعي البقر في الدانمارك أو فلاحي الفستق في الجنوب الأميركي. ولمناسبة معرض الكتاب الأخير في بيروت، عاد المقال إلى الظهور في جميع الصحف وبالحدة نفسها وبمعايير المقارنة نفسها. إسبانيا أو الدانمارك أو رواد المكتبة الوطنية في أوتاوا.
والكتاب أنفسهم ينسون أنهم كتبوا بالأمس مقالات عن نسبة الذين لا يقرأون ولا يكتبون في العالم العربي ونسبة فقراء ما تحت الحزام ونسبة البطالة التي حدثت في فرنسا لتساقطت أو في بريطانيا لتهاوت. إننا نغفل دائماً في معرض البحث عن قراء عدد الباحثين عن رغيف وعدد الباحثين عن مياه صالحة للشرب أو للاستحمام وعدد الباحثين عن عمل وعدد الباحثين عن قسط مدرسي وعدد الباحثين عن ثمن دواء.
القراءة ليست ترفاً، لكن أيضاً الجائع لا يقرأ والجاهل لا يقرأ والعائد إلى أولاده في المساء يفضل أن يحمل إليهم ربطة خبز على أن يتأبط كتاباً فيه دزينة من شعر الحماس ومائة مقال في مرحلة الهجاء من الشعر الأموي وثلاث دراسات عن كيفية إنقاذ الأمة وتحقيق الوحدة واستعادة الباقي من فلسطين بتهجير بقية الفلسطينيين. الجائع لا يقرأ. والخائف لا يقرأ. والغارق في اليأس والفقر والبطالة والسأم وقرف التراكمات، آخر همومه أن يقرأ المزيد من الخوف واليأس والسأم. أعيدوا ترتيب المقاييس والمعايير تجدوا أننا أكثر شعب قارئ في العالم. لا نزال نصدق الذين يكتبون لنا. ولا نزال نتحمل تكرارهم وكسلهم ووقاحة النقل والنسخ والسرقة. ولا نزال نختصر من موازنة الرغيف والزيت من أجل كتاب لم يعلمنا كيف نتعلق به. ولا نزال نذهب إلى المعارض والمكتبات مع أننا نرى كيف يعامل الكتاب مثل البصل والبطاطا والقلقاس خارج موسمه.
أغلفته بالية وأوراقه لا يزال حبرها سائلا ومواضيعه وسادات محشوة بالتبن الذي سقط من تبن الكتاب السابق. وهناك قلة من الشجعان أو الفرسان، قراء وناشرين. وللمناسبة، فقط للمناسبة، ترجم أحدهم أشهر عنوان «الفرسان الثلاثة» إلى العسكر الثلاثة. كأن تقول عسكر وحرامية! تلومهم لأنهم لا يقرأون؟
سمير عطا الله، الشرق الأوسط ، 15/12/2008

الكتاب ... مهدّداً

الكتاب ... مهـدّداً
هل كان يخطر في بال الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس عندما كتب قصته الشهيرة «كتاب الرمل» أنه يكتب عما يشبه «الكتاب الإلكتروني» الذي بدأ يزاحم الكتاب المطبوع في عصرنا الراهن؟ «كتاب الرمل» كما يصفه بورخيس لا تحصى صفحاته لأنها غير نهائية، إنه كتاب الكتب، الكتاب الهائل الذي لا يمكن إحراقه... أما «الكتاب الإلكتروني» فيمكنه أن يكون مكتبة بكاملها. تذكرت «كتاب» بورخيس ذاك، عندما قرأت أخيراً إعلاناً في إحدى المجلات الأدبية الفرنسية عن كتاب إلكتروني من المرتقب أن يصدر وعنوانه التقني: «160 كتاباً في غلاف واحد»، وقد أطلقته شركة «سوني» في سلسلة «ريدر» وهي كلمة إنكليزية تعني «القارئ». الكتاب هذا يماثل «كتاب الرمل» في كونه «كتاب كتب» أو «مكتبة محمولة» كما يقول الإعلان، يمكن صاحبها أن يحملها معه حيثما كان، في القطار أم في الطائرة أم في المقهى... أما الطريف فهو نشر الإعلان بالقرب من مقالة عن إقدام دور نشر فرنسية على جمع مخطوطات الأدباء وإصدارها في كتب (ورقية) بغية إنقاذها من «وعيد» العصر الإلكتروني وتقديمها للقراء كي يتسنى لهم الاطلاع على كتب طالما أحبّوها، في مسوّداتها الأولى وبخط أصحابها.لا أدري إن كانت مجرد مصادفة أن يلتقي الإعلان والمقال هذان في صفحة واحدة، فهما على اختلاف جوهري، بل إن الواحد نقيض الآخر: إعلان عن كتاب ينتمي الى «روح» العصر الإلكتروني ومقال عن مسوّدات ستزول نهائياً خلال فترة غير بعيدة، بعد أن يسقط القلم والدفتر والأوراق البيض في هاوية الذاكرة. وليس من المبالغة القول إن الكتاب الإلكتروني المعلن عنه يهدد علانية تلك «المسوّدات» التي أضحت من شؤون الماضي، لا سيما بعد أن عكف معظم الكتّاب في العالم على استخدام الكومبيوتر عوض القلم في كتابتهم.« المكتبة المحمولة» ليست بطارئة و «الكتاب الإلكتروني» ليس بجديد، وكان جهاز الإنترنت مهد لهما السبيل قبل بضعة أعوام، مبشراً العالم بما يسمى «نهاية» الكتاب المطبوع أو الورقي، وما أبشع هذه الصفة تطلق على الكتاب وكأن الورق بات من نوافل الحضارة البشرية. الكتاب الإلكتروني أضحى متوافراً حتى في عالمنا العربي لكنه سيتطوّر في الأيام المقبلة مثلما تطوّر في الغرب، وسيحلّ قريباً محل الكتاب المطبوع ولكن طبعاً من دون أن يلغيه. أصلاً يستحيل إلغاء هذا الكتاب نهائياً ولو بعد قرن أو قرنين وأكثر. هذا الكتاب الذي صنع الجزء الأكبر من تاريخ الحضارة لا يمكن أي قوة أن تزيله وسيظل في العالم أناس يؤثرونه على الشاشة التي ترهق العيون وتقتل حواس أخرى مثل اللمس والشمّ...صراحة لا أقدر - شخصياً - أن أقرأ كتاباً لا أشمّ ورقه ولا ألمس صفحاته بأصابعي. الشمّ واللمس هما من طقوس القراءة ومن وجوهها الكثيرة. لا أتصوّر نفسي أشمّ شاشة فضية أو ألامسها كما لو أنني أقلب صفحات كتاب. لا أتخيل نفسي أيضاً أقرأ بلا قلم أكتب به انطباعات على هامش الصفحة أو أزيّح به أسطراً أحبها لأعود إليها كلما فتحت الكتاب نفسه. ليست هذه النزعة رومنطيقية ولا ضرباً من ضروب الحنين المضطرم الى الماضي، بل هي نزوة داخلية تشبه القراءة التي ليست في الختام إلا نزوة. والقراءة التي أقصدها هي القراءة التي يشوبها «الإمتاع والمؤانسة» بحسب عبارة أبي حيان التوحيدي وليست القراءة العلمية الصرف الخالية من الحماسة والانفعال والحلم... ولا أخفي أن رائحة الورق هذه طرف في «لعبة» القراءة أو»عادة القراءة» التي تشبه التنفس كما يرى ألبرتو مانغويل ربيب المكتبات وخليلها. وجميعاً نذكر كتابه البديع «تاريخ القراءة» الذي يعدّ، على رغم طابعه التأريخي، من أجمل الأناشيد التي كتبت في القراءة.حصلتُ قبل فترة على «موسوعة الشعر العربي» التي كان أصدرها المجمّع الثقافي في أبو ظبي في صيغة إلكترونية، وحاولت أن أقرأ فيها ما يحلو لي أن أقرأه عادة على الورق، وعجزت، أجل عجزت. الحرف المضيء على الشاشة الفضية لم يُغرِني ولا الإخراج الهندسي للصفحات الإلكترونية ولا الطابع «العملي» الذي يسمها. فضّلت ألف مرّة أن أقرأ الشعراء الذين أحبهم على الورق الأصفر، بحروف سوداء قد تعتريها بضع أخطاء طباعية، هي بمثابة أحد أقدار الكتابة. هل أجمل من أن تفتح ديواناً بين يديك وتقلبه بأناملك فتعبق رائحته في أنفك ولو مصحوبة ببعض الغبار أحياناً؟ هل أجمل من أن تقف أمام مكتبتك لتختار ما يحسن لك أن تختار فتحمله الى طاولتك جاعلاً منه خير جليس؟لم يعد في مقدور أحد تجاهل الثورة التي أحدثتها الثقافة الإلكترونية في عصرنا، والكتاب الإلكتروني سيصبح واقعاً، شاء المعترضون أم أبوا. لكن الكتاب «المطبوع» الذي صنع أجمل وجوه التاريخ لن تستطيع أي ثورة أن تزيله من حياة أتباعه ومريديه. سيظل الكتاب المطبوع حاضراً مهما حاصرته التقنيات المعاصرة أو عزلته، ومهما جرّدته من مزاياه وجمالياته. وكم يصعب فعلاً تخيل المكتبات بلا كتب من ورق وبلا روائح غابرة وبلا «فئران» ولا «عثّ» ينخر الأوراق. كم يصعب تصوّر المكتبات الحديثة، ببرودها القاتل وجمالها المصطنع وروائحها البلاستيكية أو المعدنية.سينتصر الكتاب الإلكتروني على الكتاب الورقي بعد سنوات أو عقود، لكنه حتماً لن ينتصر على الذاكرة التي تشتعل حنيناً الى زمن ولّى مثل أزمنة كثيرة، الى غير رجعة!
عبده وازن ، الحياة، 15/12/2008

٣ سبتمبر ٢٠٠٨

اقرأ‏200‏ صفحة في‏90‏ دقيقة

اقرأ‏200‏ صفحة في‏90‏ دقيقة
دعوة لمكافحة ظاهرة الحفظ والتلقين التي تعاني منها مناهجنا الدراسية‏..‏ حيث أوصت رسالة جامعية بتعميم نظم القراءة المعروفة باسم‏(Sq3R)‏ في مختلف المراحل الدراسية‏,‏ لانها تساعد في فهم النصوص والمفردات واستيعاب المناهج الدراسية خاصة تعلم اللغات‏,‏ وهو نظام مستخدم في مؤسسات التعليم الاوروبية‏.‏ وتقول الباحثة غادة طه البنا المدرس المساعد بكلية التربية النوعية بجامعة الزقازيق ان النظام يساعد في قراءة مؤلف أجنبي من‏200‏ صفحة في‏90‏ دقيقة‏,‏ وذلك من خلال خمس مراحل تبدأ بالاستطلاع العام عن فكرة الموضوع‏,‏ ثم وضع تساؤلات متصلة بالموضوع‏,‏ والقراءة المركزة علي الاجزاء ذات الصلة بالاسئلة‏,‏ وتأتي الخطوة الاخيرة بالمراجعة ومقارنة النتائج‏..‏ أوصت لجنة المناقشة بمنح الباحثة درجة الماجستير بامتياز مع نشر الرسالة‏.‏
الأهرام ، 18/8/2008

٤ أغسطس ٢٠٠٨

في الصيف ، لازم نحب القراءة !

في الصيف ، لازم نحب القراءة !
أصبحت القراءة بالنسبة إلى الطلبة والشباب من آخر اهتماماتهم وفقد الكتاب بريقه نتيجة لانتشار الثورة الالكترونية، بالإضافة إلى عدم توافر العوامل والتشجيع من الدولة والمختصين على حب القراءة، ففي استبانة قامت بها (أخبار الخليج) شارك فيه متفوقو الشهادة الثانوية أكد 77% من الطلاب أن نظام التعليم لا يشجع على القراءة، و62% يحبون القراءة و40% من المتفوقين لا يملكون الوقت الكافي للمطالعة الخارجية، بينما أكد 49% من الطلاب أن المدرسين لا يشجعونهم على القراءة لان التقييم يعتمد على الحفظ ولا مجال للإبداع والأفكار الخلاقة.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO.asp?Article=251327&Sn=INVS
أخبار الخليج ، 2/8/2008

حبّ القراءة يفتقر إلى القدوة

حبّ القراءة يفتقر إلى القدوة
لماذا يُحتفل بالقراءة في الكتب الورقية تحديداً؟ هناك «السنة العالمية للكتاب»، و»اليوم العالمي لكتب الأطفال»، وأيام عالمية ومهرجانات وطنية للقراءة، تقام سنوياً، و2008 هي «السنة العالمية للقراءة»، وفي المكتبات تُخصص زوايا ليُقرأ على الصغار قصص وحكايات... كلها نشاطات من شأنها تشجيع الصغار، خصوصاً، على الاسترسال في الكتب، ورفع معنويات الذين يودّون محو الأمية.
http://www.daralhayat.com/society/07-2008/Item-20080709-08c08bc3-c0a8-10ed-0007-ae6d627e7cba/story.html
الحياة، 10/7/2008

٢٩ مايو ٢٠٠٨

من يقرأ الكتب ومن يقرأ الفنجان

من يقرأ الكتب ومن يقرأ الفنجان
ياسر حارب
عندما دخلت لأول مرة إحدى المكتبات في سنغافورة لم أستطع أن أواصل تقدمي بين الصفوف لشدة الازدحام. ظننت في البداية أن هناك حدثا ما يجري داخل المكتبة، ثم اكتشفت بعد أن تعودت ارتياد تلك المكتبة بأن الوضع هكذا على الدوام. حيث يفد الناس من جميع الأعمار ومن مختلف الأعراق والطوائف على المكتبات العامة والخاصة في سنغافورة إما بحثاً عن كتاب أو مشاركة في نشاط ثقافي بسيط.
في العام 1823 قال "ستامفورد رفلز" مؤسس سنغافورة إن التعليم يجب أن يتسابق مع التجارة حتى يتوازن الخير مع الشر. وفي تلك السنة قام بتأسيس أول مؤسسة تعليمية في الجزيرة وأصّل بذلك لأهمية العلم والمعرفة في تلك البقعة المنسية من العالم. وفي العام 1992 قامت الحكومة بوضع خطة طموحة لوضع بنية تحتية للمكتبات ولتشجيع القراءة، وبعد أن اكتملت البنية التحتية العام 2000 بتأسيس مجموعة كبيرة من المكتبات العامة وتزويدها بأحدث التقنيات لكي يستفيد منها أكبر عدد ممكن من الناس، قامت الحكومة بإطلاق مبادرات عدة لتشجيع الناس على القراءة فأطلقت مبادرة سمّتها ((اقرئي سنغافورة))، حيث تم اختيار 12 كتاباً لكي يقرأها السنغافوريون على مدى عشرة أسابيع، وقامت الحكومة بتقديم الدعم المادي لنوادي الكتاب المنتشرة في أنحاء الجزيرة لتستوعب أكبر عدد ممكن من الزوار حتى يتناقشوا في تلك الكتب.
استطاعت الحكومة من خلال هذه المبادرة أن تقوي أواصر الوحدة الوطنية بين المواطنين، وقد يستغرب البعض من هذا القول، ولكن الحكومة أوجدت 12 موضوعاً أو قضية مشتركة بين الناس ليتناقشوا حولها. فتجد مجموعة من الشباب في أحد المقاهي يتناقشون حول أحد تلك الكتب، وبلا شعور ينضم إليهم عدد من الناس الذين قرأوا الكتاب نفسه وتشكل لديهم رأي تجاهه. كما استطاعت الحكومة أن تروج لثقافة القراءة في المجتمع، وأوجدت طريقة مميزة لكي يكتشف الناس متعة القراءة. فعندما يقرأ المرء كتاباً ويكتشف أن كل من يعرفهم قد قرأوا الكتاب نفسه فإنه يشعر برابط غريب بينه وبينهم يدفع به لقراءة المزيد من (المشتركات) والتمتع بمحاورة الآخرين حولها.
لاحظ القائمون على المشروع أن بعض أفراد المجتمع السنغافوري أصبحوا أكثر قدرة على التعبير عن ذاتهم، ففي مجتمع تتمايز فيه العرقيات وتختلف الأديان بشكل بارز، يصعب على أبناء هذه الطوائف أن يعبروا عما يجول في أنفسهم للآخرين، فلكل اهتمامه ولكل معتقده. إلا أن هذا المشروع أوجد بينهم ثقافة مشتركة ساعدتهم على مشاركة الآخرين أشياء أخرى غير التي في الكتب، وهو أمر أساسي لوحدة أي مجتمع.
أما بالنسبة للصغار فقد أطلقت الحكومة برامج متخصصة لتشجيعهم على القراءة، أجملها هو برنامج موجه للأطفال الذين تقع أعمارهم بين (يوم واحد) وثلاث سنوات. فلقد لاحظت الحكومة أن نصف استعارات الكتب من المكتبات العامة خاصة بالأطفال، ولأن الأطفال لا يستطيعون أن يحصلوا على عضوية في المكتبات يقوم أولياء أمورهم باستعارة الكتب بأسمائهم، فأطلقت الحكومة برنامجاً سمّته (نولد لنقرأ، ونقرأ لنترابط) حيث أثبتت بعض الدراسات التي قامت بها الحكومة بأن القراءة للأطفال والأجنّة أيضاً يساعدهم على تعلّم المفردات اللغوية بسرعة، ويحفز لديهم القدرة التخيلية والإبداعية، وبالتالي يزيد من معدل مهارات التعلم ويجعل القراءة ركناً أساسياً من أركان حياتهم.
فقامت الحكومة بإطلاق حملات تسويق للبرنامج في المكتبات والمستشفيات وفي أقسام الولادة على وجه الخصوص حتى يشجعوا الآباء والأمهات على تسجيل أبنائهم في المكتبات، وما إن يولد الطفل حتى يعطى الوالدان حقيبة بها دفتر لتنظيم مواعيد استعارة الكتب وإرجاعها، وبطاقة اشتراك مجانية باسم الطفل على شكل مفتاح، في إشارة رمزية إلى أن هذه البطاقة هي مفتاح المعرفة لدى الطفل، وعلى الوالدين أن يستعيرا أربعة كتب في اليوم الذي يولد فيه الطفل ليقرآها له على مدى ثلاثة أشهر.
أما الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 4 سنوات فما فوق فإن الحكومة قد خصصت لهم برنامجاً مختلفاً، حيث شجّعت نوادي الكتب لكي تخصص جزءاً من برنامجها للأطفال عن طريق القراءة لهم مرة في الأسبوع. كان الهدف العام 2004 أن يؤسس 15 ناديا للأطفال خلال ثلاث سنوات يشترك فيها 2000 طالب، وكانت النتيجة أن تم تأسيس 45 نادياً اشترك فيها 2250 طفلاً. وتم فتح باب التطوع لمن يرغب في أن يقرأ للأطفال مرة في الأسبوع على ألا يقل سن المتطوع عن 15 عاماً. وقامت الحكومة بتجهيز كتيب تدريبي لهؤلاء المتطوعين وقامت بتدريبهم على أساليب القراءة لمختلف الأعمار لتحويل الجلسة إلى تجربة مسلية يستفيد منها الأطفال والمتطوعون على حد سواء.
يوجد اليوم في سنغافورة أكثر من 9.1 مليون عضو في المكتبات العامة من أصل 3.4 مليون نسمة، وفي هذه المكتبات تمت استعارة أكثر من 28 مليون كتاب العام 2006، والأهم من ذلك أن الكتاب والكاتب يحظيان باحترام وتقدير كبيرين في تلك الجزيرة الصغيرة.
في أقصى الشرق يقرأ الشباب الروايات والكتب، وفي وسط الشرق نقرأ الفنجان ونبحث عن الطوالع، حيث تعد كتب التنجيم هي ثاني أكثر الكتب قراءة في الوطن العربي - الطبخ يحتل المرتبة الأولى. عندما أحجم العالم العربي عن القراءة توقف إنتاجه العلمي والأدبي وتأخر في ركب الحضارة. وفي رأيي، فإننا إن استطعنا أن نلحلح مشكلة القراءة قليلاً فإننا سنتمكن من إيجاد اللبنة الأولى في بناء النهضة.
إن المعرفة حرية والجهل عبودية، ولأن نكون في مؤخرة عالم من الأحرار، خير ألف مرة من أن نكون في مقدمة عالم من العبيد.
الوقت (البحرينية)، 25/4/2008

١٧ مايو ٢٠٠٨

القراءة في الوطن العربي والعبث بالمنهج

القراءة في الوطن العربي والعبث بالمنهج
أ. د. حشمت قاسم


لنتائج دراسات القراءة و الإفادة من المعلومات أهميتها في مختلف حلقات نظام تدفق المعلومات، فضلاً عن ترشيد مسارات جهود تنمية مهارات المستفيدين في التعامل مع أوعية المعلومات ومرافق المعلومات. إلا أنه من الملاحظ أن مثل هذه الدراسات كثيراً ما تعاني قصوراً منهجياً يحول دون استخلاص نتائج عامة قابلة للتطبيق. وربما كان مرد ذلك إلى نظرة بعض الباحثين إلى هذه الدراسات بوصفها هدفاً في حد ذاتها ، وكذلك عدم استثمارالخبرات المنهجية للدراسات السابقة. وقد فاجأتنا إحدى مؤسسات بحوث التسويق العالمية، عشية الدورة التاسعة والثلاثين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب (23 يناير-4 فبراير2007) بتقرير المرحلة الأولى من دراسة للقراءة في الوطن العربي، ظهر بالإنجليزية بعنوان "ماذا يقرأ العرب؛ دراسة وصفية تحليلية للقراءة في الوطن العربي" (1). و تشمل هذه المرحلة الأولى من الدراسة خمس دول هي مصر، ولبنان، والسعودية ، وتونس، والمغرب. ويتكون هذا التقرير، الذي يشغل ثلاثمئة وستًا وعشرين صفحة من القطع الكبير، بالإضافة إلى تسع و ثلاثين صفحة في ترقيم مستقل، يشغلها الملحق, يتكون من خمسة عناصر، هي ملخص ما انتهت إليه الدراسة من نتائج، وبيان أهداف الدراسة، ووصف المنهج، والنتائج التفصيلية موزعة على الدول الخمس، والملحق المشتمل على الاستبانة وقائمة المراجعة المستخدمتين في تجميع البيانات.
وتهدف هذه الدراسة، في نظر المسئولين عنها، إلى ما يلي:
· التحقق من العادات القرائية للمتعلمين في الوطن العربي، واتجاهات هؤلاء المتعلمين نحو القراءة.
· الإحاطة بالوضع الراهن للقراءة في الوطن العربي، والتحقق من فئات القراء.
· الكشف عن الوسائط أو القنوات أو الأوعية المتوافرة، والمفضلة من جانب القراء.

ويبدأ عرض النتائج التفصيلية للدراسة الخاصة بكل دولة من الدول الخمس، بالنسبة المئوية للقراء في المجتمع، وينتهي بخلاصة، ويصنف النتائج في سبع فئات رئيسة على النحو التالي:
1. العادات القرائية ، وتشمل:
1/1 قنوات القراءة.
1/2 كثافة القراءة.
1/3 أماكن القراءة.
2. اتجاهات القراءة ، وتشمل:
2/1 دوافع القراءة.
2/2 مدى انتشار القراءة في مختلف الشرائح الاجتماعية والاقتصادية، والفئات النوعية والعمرية.
2/3 التوزيع اللغوي لما يُقرأ.
3. الفرص المتاحة للحصول على الكتب، وتشمل:
3/1 قنوات الإعلام والتوثيق.
3/2 قضايا الترويج والتسويق.
3/3 قضايا التسعير والقدرة الشرائية.
3/4 إعارة الكتب واستعارتها.
4. محتوى ما يُقرأ ، ويشمل:
4/1 الموضوعات.
4/2 المؤلفين.
5. قضايا اللغـة ، وتشمل:
5/1 اللغات المفضلة.
5/2 الترجمات.
6. اتجاهات القراء، وتشمل:
6/1 اتجاهات القراء نحو الكتاب.
6/2 اتجاهات القراء نحو القراءة.
6/3 اتجاهات غير القراء.
7. أسلوب حياة القراء ، وتشمل:
7/1 أنشطة شغل الوقت.
7/2 توزيع الوقت على الأنشطة خلال أسبوع العمل.
7/3 توزيع الوقت على الأنشطة في نهاية الأسبوع.
7/4 شغل وقت الفراغ.
7/5 أسلوب حياة غير القراء.

هذه هي القضايا والموضوعات التي حظيت بالاهتمام في هذه الدراسة. ومن الملاحظ الامتداد الأفقي الذي يحول دون التعمق في دراسة أي من هذه القضايا، في الوقت الذي ينبغي أن تجنح فيه مثل هذه الدراسات نحو التركيز على القضايا الدقيقة المحددة. وبصرف النظر عما انتهت إليه هذه الدراسة من نتائج، فإن لنا علي منهجها بعض الملاحظات ، تتعلق أولاها بالعينة ، وتتعلق الثانية بمستوى التحليل، وتتصل الثالثة بتوقيت إجراء الدراسة، في حين تتصل الرابعة الأخيرة بلغة الاستبانة.
أما فيما يتعلق بالعينة، فقد التزم المسئولون عن هذه الدراسة بحجم موحد للعينات في الدول الخمس، وهو ألف فرد فقط من كل دولة، علي الرغم من اختلاف الظروف السكانية لكل مجتمع من المجتمعات الخمسة. ولا نرى مبرراً لتوحيد حجم العينة. أضف إلى ذلك تميز الظواهر التي تتعامل معها هذه الدراسة بالدقة، الأمر الذي يستلزم الاعتماد علي عينات كبيرة نسبياً حتى تتضح معالم مثل هذه الظواهر والنتائج المتصلة بها. وفضلاً عن ذلك فإن مجتمع القراء عادة ما يتسم بالتنوع، وكثرة أسس تقسيمه إلى فئات، إذ لا يضارع تنوع فئات الكتب وأوعية المعلومات، من حيث أشكالها المادية، وأساليب التعبير، ومدى الأصالة في المحتوى، والفئات النوعية، والفئات الوظيفية، والتوزيع الجغرافي، والفئات اللغوية، والفئات الموضوعية ... إلى آخر ذلك من خصائص مجتمع أوعية المعلومات، لا يضارع ذلك إلا تنوع القراء، التي لا تقتصر علي العيش في المجتمعات الحضرية والمجتمعات الريفية، والنوع ، والطبقة الاجتماعية، والظروف الاقتصادية، والفئات العمرية، كما حدث في هذه الدراسة وإنما تشمل أيضاً المستويات القرائية، والتخصصات الموضوعية، والالتزامات الوظيفية ... إلى آخر ذلك من الأسس المحتملة لتقسيم مجتمع القراء إلى فئات لها انعكاسها علي الاتجاه نحو القراءة، ودوافع القراءة، والاهتمامات القرائية، ومدى كثافة القراءة ... إلى آخر ذلك من عوامل ومتغيرات. وبتوزيع عينة الدراسة الصغيرة هذه علي مختلف الفئات يصبح نصيب الفئة عدداً لا يذكر من المفردات، لا يكفل التمثيل المناسب للمجتمع، ولا يمكن أن يسفر بالتالي عن نتائج يعتد بها. ومن الملاحظ أيضاً أن هذه الدراسة لم تراعي تنوع الكتب وغيرها من أوعية المعلومات، ومن ثم تنوع فئات القراء ودوافعهم للقراءة. ولعل من أهم ما يميز الكتاب كسلعة، ومن منظور التسويق، كثافة التنوع في العرض، المرتبط وثيقاً بالتنوع في الطلب .
وقد انعكس صغر حجم العينات سلباً علي مستوى تحليل النتائج، إذ اقتصر التحليل على حساب النسب المئوية. والغريب في الأمر أن المسئولين عن الدراسة، علي الرغم من إدراكهم لهذا القصور المنهجي، لم يفعلوا شيئاً لتداركه أكثر من مجرد تسجيل ملاحظة في ذيل كل صفحة من صفحات التقرير، ربما كانت بمثابة اعتذار ضمني، مفادها أن النسب المئوية وإن كانت تعطي مؤشرات من البيانات المعتمدة في التحليل، فإنها لا قيمة لها نظراً لقلة عدد الاستجابات. ولم نجد بالطبع في هذا التقرير أبسط محاولات التحليل العاملي علي الرغم من أهميته في مثل هذه الدراسات .
وعلي الرغم من صدور تقرير الدراسة باللغة الإنجليزية، وهو أمر لا تفسير له عندي، صيغت الاستبانة، أداة البحث الرئيسية المكونة من مئة وثمانية أسئلة، بالإنجليزية أيضاً مصحوبة بما يقابل الأسئلة بلهجة عامية عربية. وهذه الاستبانة موجهة، نظرياً على الأقل، للقراء في جميع الدول العربية المزمع دراسة القراءة فيها، ولا ندري لماذا تجاهل المسئولون عن هذه الدراسة استخدام اللغة العربية الفصحى، التي تشكل نظرياً قاسماً مشتركاً بين جميع القراء في الوطن العربي. ولا ندري أيضاً أي اللهجات العامية العربية استخدمت في هذه الاستبانة التي جاءت ملحقاً لنتائج الدراسة في خمس دول عربية. وهل من المنتظر استخدام لهجات عامية عربية تناسب مختلف الدول العربية التي ستشملها الدراسة في المستقبل؟ وإذا كان المسئولون عن هذه الدراسة يرون في اللهجات العامية أنسب سبيل لمخاطبة القراء العرب، فلماذا لم يستخدموا أيضا إحدى اللهجات العامية الإنجليزية؟ أم أن الإنجليزية لا يمكن أن تمس لأن لها من يحميها، بينما تبدو العربية وقد هانت علي أهلها؟ أليس هذا هو العبث بعينة؟ ومن الجدير بالذكر أن كثيراً من الأخطاء اللغوية قد تسللت للنص الإنجليزي. وإن دل ذلك علي شيء ، فإنما يدل علي أن المسئولين عن هذه الدراسة لا يجيدون الإنجليزية، ويستهينون بالعربية، فما هي لغتهم يا ترى؟
ومن بين مظاهر تدني مستوى الأداء اللغوي في هذا العمل أن العربية العامية قد وردت في هذا التقرير "عربي عامي" وأن العربية الفصحى وردت "عربي فصحة" (ص 37 في الملحق) . أما عن الأخطاء في الإنجليزية فنكتفي الإشارة إلى عناوين أجزاء الاستبانة، ( ص3 ، و11 ، و19 ، و20 ، و24 ، و27 ، و31 ، و33 ) علي سبيل المثال لا الحصر. وإذا كان هذا هو مستوى الأداء اللغوي في دراسة للقراءة وتسويق الكتاب، فكيف يمكن أن يكون الأداء في دراسة لتسويق المسلي الصناعي ومساحيق الغسيل؟
ولتوقيت إجراء مثل هذه الدراسات أهميته بالنسبة لما يمكن أن تسفر عنه من نتائج، إذ ينبغي تجنب إجراءها في الأوقات التي يمكن أن تتأثر بالمناسبات والتقلبات الموسمية، ولم نجد في تقرير هذه الدراسة إشارة إلى الوقت الذي أجريت فيه، سوى ما ورد في رأس الصفحة الأولي من الاستبانة " الخامس من يوليو- مصر " . وهى إشارة غامضة لا تدل علي شيء.
وهناك الكثير مما يمكن أن يسجل علي هذه الدراسة من مآخذ تتصل بتطبيق المنهج . وبقدر إمعان النظر في تقرير المرحلة الأولى من هذه الدراسة يتكشف المزيد من مظاهر العبث بالمنهج، الأمر الذي يثير الشكوك في هذه الدراسة وجدواها، ومصداقية ما انتهت إليه من نتائج. ويمكن القول بأن تصنيف نتائج هذه الدراسة في الأقسام السبعة التي حرصنا على تسجيلها، إنما هو في واقع الأمر مجرد هيكل بلا مضمون، حيث لم تتخذ هذه الدراسة من المنهج سوى الشكل، كما بدا بعض ما انتهت إليه من نتائج وكأنه قد أعد سلفاً لتأكيد صورة نمطيه تقليدية للمجتمع الثقافي العربي.
وفي هذه الدراسة درس ولا شك، إذ تقدم نموذجاً واضحاً للعبث بالمنهج. إن دراسة تسويق الكتاب، كما نعلم، ينبغي أن تضع خصوصية الكتاب كسلعة في العرض، وخصوصية الطلب علي هذه السلعة، في الحسبان. كما ينبغي أن تلتزم مثل هذه الدراسة بقواعد المنهج وأصوله (2) حتى تدعم الثقة فيما يمكن أن تسفر عنه من نتائج، وتعزز احتمالات الإفادة من النتائج في رسم السياسات وتوجيه الإعراب عن مدى حرصها علي احترام قيم مجتمعها وثوابته .
الحواشي :
(1) What Arabs Read: a Pan – Arab Survey of readership : Phase one : Egypt, Lebanon, Saudi Arabia, Tunisia, Morocco. Synovate, n. p. , 2007 . 326 , 39p .

(2) وانج ، بيلنج . مناهج البحث وطرائقه في دراسة سلوك المستفيدين من المعلومات، ترجمة حشمت قاسم. دراسات عربية في المكتبات وعلم المعلومات، مج11 ، ع1 ، يناير 2006م. ص ص 105– 191.

للاستشهاد المرجعي:
حشمت قاسم. القراءة في الوطن العربي والعبث بالمنهج. دراسات عربية في المكتبات وعلم المعلومات. مج12، ع1 (يناير 2007). ص ص 7-13. متاحة على:

http://arab-librarians.blogspot.com/2008/05/blog-post_17.html

١٠ أبريل ٢٠٠٨

فتح الأبواب للتعلم؛ معرفة القراءة والكتابة هي شأن عائلي

فتح الأبواب للتعلم؛ معرفة القراءة والكتابة هي شأن عائلي


السادة أولياء الأمور ومربو الأسر الأعزاء
إننا نواجه تحدياً ضخماً. فلكي ننجح في الاقتصاد العالمي القائم على المعرفة، فإن أبناءنا بحاجة إلى مهارات معرفية قوية جداً. إنهم بحاجة إلى تنمية مهاراتهم الأساسية في القراءة، والكتابة، والمحادثة، والاستماع لكي يصبحوا مفكرين نقديين ومستعملين حصيفين للمعلومات.
يجب أن يكون أبناؤنا قادرين على فهم أنواع متعددة من المواد المقروءة وأن يكتبوا بوضوح وإقناع. إنهم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على إيجاد المعلومات واستعمالها من أجل اتخاذ القرارات وتكوين معرفة جديدة.
إنهم بحاجة للتفكير النقدي في القضايا المعقدة. فهذه هي المهارات المعرفية التي ستمكّن أبناءنا من اكتشاف العالم والتفاعل معه، ومن طرح الأسئلة وطلب الإجابات وبناء الاستقلالية. فتصبح بوابة لتعلمهم ومستقبلهم.
إن معرفة القراءة والكتابة لا تُكتسب في المدرسة فقط؛ بل يمكن تعلمها في كل مكان، من قراءة لافتات قطارات الأنفاق وعلب رقائق الإفطار، إلى الاستماع إلى قصص الأسرة باللغة المحكية في المنزل، إلى تصفح الإنترنت. وأنتم بإمكانكم أن تؤثروا تأثيراً قوياً على معرفة أبنائكم بالقراءة والكتابة. وقد تم تصميم هذا الكتيب لجعل المعرفة بالقراءة والكتابة شأناً أسرياً، كي تتمكنوا من المساعدة في تطوير مهارات معرفة القراءة والكتابة لدى أبنائكم من أول يوم يبدؤون فيه بالكلام إلى اليوم الذي يتخرجون فيه من المدرسة الثانوية.
لقد أظهرت البحوث أن أولياء الأمور والمربين لهم أثر عميق في جاهزية أبنائهم للقراءة عند دخولهم المدرسة. فالقراءة والكتابة والتحدث والاستماع هي مهارات تستمر في النمو والتغير كل عام. ويظل التأثير الإيجابي للأسرة تأثيراً مهماً على الصغار طوال مراحل تطورهم في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية. هذا الكتيب سيساعدكم على فهم ما يمكن توقعه من حيث نمو طفلكم والأمور التي يتوجب عليكم الاهتمام بها في غرفة فصل طفلكم. كما أنه يقدم لكم أفكاراً عديدة حول كيفية مساعدة طفلكم في هذا المضمار.
إن مستقبل أبنائنا يعتمد على هذه المهارات المهمة. لذلك نرجو منكم الانضمام إلينا لمساعدة أبنائنا على النجاح.

الكتيب بنصه الكامل على الرابطة التالية:
http://www.newvisions.org/teaching_learning/downloads/FLG07_Arabic.pdf
منشورات مؤسسة New Visions for Public Schools . وتم تنفيذ هذا المشروع بفضل الدعم السخي من إدارة التعليم لمدينة نيويورك ودار النشر RANDOM HOUSE, INC

١٨ مارس ٢٠٠٨

الشارع الثقافي يرصد رواج حركة القراءة

الشارع الثقافي يرصد رواج حركة القراءة
عودة المكتبات ومكتبة الأسرة تعيد رسم خريطة القراءة في مصر

المتابع لسوق القراءة في مصر يستطيع أن يرصد تحولات مهمة في العامين الماضيين‏,‏ وإذا كان علي السطح منها حفلات توقيع الإصدارات الجديدة‏,‏ فإن العمق يحمل تيارات ساخنة شكلت في مجملها انتفاضة قراءة لاحظها كثير من أصحاب دور النشر والمؤلفين ومسئولين في المكتبات‏.‏ يشمل ذلك القراءة بشكلها التقليدي والقراءة علي شبكة الإنترنت‏..‏ ربما تجاوزنا في البداية أزمة النشر‏,‏ وعاد من النادر أن يفشل كاتب في نشر مؤلفه‏,‏ إذ بشكل أو بآخر يستطيع أن يجد ناشرا حكوميا أو خاصا‏,‏ أو حتى يساهم في جزء من تكاليف الطباعة‏,‏ كما أنه من الواضح أننا تجاوزنا مسألة أسعار الكتاب التي شكونا منها كثيرا‏,‏ فالكتاب الآن لا يقل ثمنه عن عشرين جنيها‏, وأصبح سعر رواية في السوق من القطع المتوسط من‏30‏ إلي‏40‏ جنيها‏,‏ ورغم ذلك تنفذ طبعاتها المتتالية ولا يتذمر أحد‏.‏
ربما ساعد في ذلك مهرجان القراءة للجميع ثم مكتبة الأسرة بروافدها المتعددة‏,‏ وانتشار النت‏,‏ مع بروز جيل جديد من خريجي الجامعات والمعاهد لهم في الغالب صلة بالوسائط الثقافية والإعلامية‏,‏ وكذلك مع انتشار المدونات‏,‏ حتي أن بعض هذه المدونات وجدت من يصدرها في كتب مثل مشروع‏'‏ مدونة‏'‏ عن دار الشروق‏.‏ وهذه بوادر فقط وليس ربيعا أدبيا دائما للمؤلفين والناشرين والقراء‏,‏ ولكننا رصدناها‏:‏
فالأديب إبراهيم أصلان يلاحظ مؤشرات علي انتعاش القراءة‏,‏ دور النشر في ازدياد‏,‏ وكذلك أعداد المكتبات‏,‏ خصوصا أنه جاء علينا وقت اختفت فيه مكتبات لصالح محلات أحذية‏,‏ والآن نجد المكتبات تفتح وفي أماكن راقية‏,‏ وهذا معناه رواج توزيع الكتاب‏,‏ تتعرف عليك أجيال جديدة من الشباب في الشارع‏,‏ وفي المعارض تجد من يشتري كتابك ويتقدم منك طالبا التوقيع‏,‏ وحفلات التوقيع بدور النشر‏,‏ ولهذا دلالات أقلها أن هناك قراء‏.‏ أما الأعمال فإنها تطبع أكثر من مرة وفي فترات متقاربة‏,‏ وأشير هنا إلي آخر أعمالي‏'‏ خلوة الغلبان‏',‏ ويعتقد أصلان أن الأجيال الجديدة تمر بمرحلة بحث عن مرفأ‏,‏ هم يتعاملون مع الكمبيوتر‏,‏ وهو وسيلة تواصل ضخمة‏,‏ تسبب اندفاعا في الوعي‏,‏ والتفاتا إلي أهمية القراءة كمطلب إنساني واجتماعي‏,‏ يضفي قيمة‏,‏ هذا أحدث رواجا في عملية القراءة‏,‏ ويمثل دعوة لدور النشر لاعتماد الأسس العلمية لدراسة توجهات القراء‏.‏
ولكن الروائي محمد البساطي يختلف مع أصلان ويتحدث عن زمن القراءة الخفيفة‏,‏ ويقول إن دور النشر تبحث عن نوعية من الكتب الأكثر توزيعا وتطلب كتابات معينة ليست جادة في مجملها‏,‏ ولديها المبرر فجمهور الكتابة الجادة قليل في مصر ولا يطبع الكتاب الجاد أكثر من خمسمائة نسخة‏,‏ بينما تجد الطبعة الرابعة أو الخامسة من الكتابات المسلية‏,‏ وهذا مؤشر لبيع الكتب ولكنه لا يؤسس ثقافة جادة‏,‏ فمن يقرأ الآن لتشيكوف وهيمنجواي وماركيز‏,‏ العدد ينكمش‏,‏ وهذا الأمر مرتبط بالظروف الحياتية للمواطن المصري‏,‏ فمتى يقرأ وكيف؟‏.‏
أما توزيع الكتاب الآن فإنه في رأي الشاعر محمد سليمان‏:‏ لا يقارن بسنوات سابقة حيث كان التوزيع أكثر‏,‏ والآن فإنها بضع مئات من النسخ فقط تباع‏,‏ وتوزيع الكتاب الشعري أو الروائي عموما بالغ الضآلة‏,‏ ويقول سليمان‏:‏ الناشر يطبع الآن من الكتاب من خمسمائة إلي ألف نسخة‏، تقريبا نكتب لأنفسنا‏,‏ نحن نشكو منذ فترة طويلة من مسألة انحسار القراءة‏,‏ وشارع الفجالة تحول إلي بيع السيراميك بعد أن كان مزدحما بالمكتبات ودور نشر كثيرة أفلست‏.‏ لا نستطيع ادعاء رواج للنشر والقراءة‏,‏ والفجوة تتسع بين المثقف وجمهوره ومن الطبيعي أن نجد اختفاء أو موت القارئ‏,‏ وأجهزة التعليم لا تصنع القارئ وتوقفت عن هذه المهمة منذ أكثر من ثلاثين عاما‏.‏
أما الدكتور محمد صابر عرب رئيس دار الكتب المصرية فينبه إلي أن مفهوم القراءة الذي نعرفه قبل عقود تغير‏,‏ بعد أن أصبحت القراءة علي شبكة الإنترنت إحدي الوسائل‏,‏ بمعني أن التردد علي المكتبة العامة ليس المعيار الوحيد لرواج القراءة‏,‏ كما اتيحت وسائل كثيرة للاقتناء مثل مكتبة الأسرة‏.‏ ويرصد الدكتور عرب معدلات الاطلاع بقاعات دار الكتب‏,‏ حيث تردد علي الدار‏50‏ ألف و‏256‏ باحثا خلال العام‏2007‏ بمعدل‏159‏ باحثا يوميا‏,‏ تداولوا‏300‏ ألف وعاء ما بين كتاب ودورية ووسائط‏.‏ أما الإحصائية الرسمية لعدد الكتب‏(‏ المودعة قانونا‏)‏ فهي‏11‏ ألفا و‏328‏ كتابا لعام‏2004,‏ و‏13‏ ألفا‏429‏ كتابا لعام‏2005,‏ و‏12‏ و‏400‏ كتاب لعام‏.2007‏ومن منظور آخر فإن مكتبة الأسكندرية تستقبل‏800‏ ألف زائر سنويا وهي وضعت قدما لها في سوق النشر‏.‏ ويقول د‏.‏ خالد عزب مدير الإعلام بالمكتبة إن تطورا إيجابيا حدث في الفترة الأخيرة‏,‏ يقف وراءه التليفزيون وحملات التوعية وأنماط التعليم‏,‏ وكذلك الإنترنت‏.‏ وعكس ما كان متوقعا من أن النشر الإلكتروني سيضر بحركة بيع الكتاب‏,‏ فإن القراءة علي النت دفعت الكثيرين إلي شراء الكتب‏,‏ ولكن دور النشر لا تعلن عن الأرقام الحقيقية للطبع أو البيع‏.‏ وأكد عزب أن هناك رواجا في القراءة في مصر في السنوات الأخيرة‏,‏ وتعدت كتب الأدباء في الفترة الأخيرة الخمسة والعشرة آلاف نسخة‏.‏ وعن حال البيع لإصدارات مكتبة الاسكندرية قال إن الطبعة الثانية من كتاب‏'‏ تاريخ الكتابة‏'‏ وثمنه‏2500‏ جنيها علي وشك النفاذ‏(‏ الطبعة ألف نسخة‏),‏ وكتاب‏'‏ مع ابن خلدون في رحلته‏'‏ باعت طبعته الشعبية‏16‏ ألف نسخة‏(‏ ثمن النسخة‏10‏ جنيهات‏)‏ وباعت طبعته الفاخرة ألف نسخة‏(100‏ جنيها‏)‏ في أقل من سنة‏.‏
ويشير إبراهيم المعلم رئيس اتحاد الناشرين المصريين إلي قصور وغياب ثقافة الإحصاء‏,‏ ونفي أن يكون ذلك مسئولية اتحاد الناشرين‏(460‏ ناشرا‏)‏ الذي يعمل علي الارتقاء بالمهنة واحترام قواعد النشر والملكية الفكرية‏,‏ وقال إن الجهات شبه الحكومية تعلن أرقاما غير مدروسة وأحيانا متناقضة‏,‏ تعطي في النهاية إشارات خاطئة‏.‏ ويؤكد أن هناك تغيرا واضحا في خريطة النشر والقراءة بما في ذلك نوعية الكتب وعدد العناوين الصادرة‏,‏ ويرصد ذلك في نهضة وتحسن في المستوي والنوع والانفتاح في كتب الأطفال‏,‏ فعدد كتب الأطفال الصادرة في السنوات الثلاث الماضية أكثر من كل العقود السابقة‏,‏ وأن أحد الاسباب في تشجيع ذلك هو مشروع البرنامج القومي للكتاب‏(‏ تقوم بالإشراف عليه جمعية الرعاية المتكاملة‏,‏ وزارة التعليم‏,‏ والمعونة الأمريكية‏),‏ ولأول مرة تصل أعداد من كتب الأطفال لجميع المدارس المصرية ‏(39‏ ألف مدرسة‏).‏
يقول المعلم إن هناك نوعية من المكتبات الجديدة صديقة القارئ مثل الشروق والديوان وكتب خانة والبلد وغيرها‏,‏ جذبت شرائح جديدة من القراء فساعدت في بداية حل لمشكلة وطريقة عرض الكتاب بطريقة جذابة وصديقة للقاريء‏, حتي في المعارض وجدنا شرائح جديدة تدخل للقراءة وأجيال من الشباب‏,‏ وتهتم أكثر بالكتب الأدبية والسير الذاتية وبمؤلفات الكتاب المتميزين من القدماء والجدد علي حد سواء‏..‏ هو رواج نسبي يصر عليه إبراهيم المعلم ويقول إنه للحفاظ عليه وتعظيمه لابد من أمرين‏,‏ الأول‏:‏ أن يكون لدي المكتبات العامة والمدرسية والجامعية ميزانية اقتناء محترمة‏,‏ والثاني‏:‏ تحسين الكتاب المدرسي وتعديل المناهج بديلا عن الحفظ والتلقين والرأي الواحد‏,‏ بحيث تكون جذابة وليست اداة تعذيب‏.‏
الأهرام 16/3/2008

٧ فبراير ٢٠٠٨

البيبليوثيرابي أو التداوي بالقراءة

البيبليوثيرابي أو التداوي بالقراءة
علاج الأمراض النفسية وبعض الفسيولوجية أيضاً، ممكن بالقراءة، لا بل ثمة اطباء يوصون بأن القراءة ركن مهم من أركان العلاجات النفسية بدءاً من حالات القلق والتوتر وصولاً إلى الفصام. ويؤكد هؤلاء أن القدماء لم يهملوا هذا النوع من العلاجات الناجعة، لكن الجهل والأمية المستشريين في المنطقة العربية، حالا دون تطوير هذه العلاجات، فيما تابع الأوروبيون والأميركيون محاولاتهم، ووصلوا إلى نتائج مهمة. لكن العرب ليسوا خارج الخريطة، ففي مصر العلاج بالقراءة موجود، والأطباء وأمناء المكتبات، يعملون جنباً إلى جنب من أجل إخراج المرضى من معاناتهم عبر التداوي بالكتب، فماذا يحصل في مصر؟ وما هي آخر النتائج التي تم التوصل إليها؟
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=19&issue=10662&article=457329
الشرق الأوسط، 6/2/2008