العالم العربي .. على الإنترنت
إذا أجرينا بحثا بسيطا عن كلمة إسلام في محرك (ياهو) سنحصل علي97.300.000 نتيجة وبدعوي الفضول قررت ان أقارن بين عدد نتائج البحث عن كلمتي مسيحية ويهودية علي التوالي, وكانت النتيجة بالتتابع هي
58.000.000
و240.400.000
هذا ماتشير له الباحثة د. رشا عبدالله الاستاذة المساعدة بقسم الإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في كتابها الصادربالانجليرية بعنوان الإنترنت في العالم العربي
الكتاب هو في الأصل رسالة دكتوراه حصلت عليها المؤلفة وكانت قد عربتها وبسطتها في كتاب صدر بعنوان الانترنت في العالم العربي عن دار آفاق لكن هناك متغيران أساسيان تم تحديثهما في هذا الكتاب, رغم ان الفارق الزمني بين صدورها لم يتجاوز عامين.
المتغير الأول يتعلق بموقف مصر من حرية تداول المعلومات علي الإنترنت,الذي تراجع الآن بشكل كبير جدا, بعد ان كانت مصر في مقدمة الدول العربية التي تتمتع بحرية التعبير وتداول المعلومات قبل عامين مع تونس.المتغير الثاني يتعلق بالمواقع التي تتداول الاسلام علي الإنترنت والتي مثلت ظاهرة قام هذا الكتاب ببحثها بشكل منهجي.
ومن خلال الفقرة التي أجرت فيها المؤلفة المقارنة بين عدد نتائج البحث عن الديانات الثلاث علي الإنترنت تفتتح الفصل المعنون بـ الإسلام والإنترنت والذي تشير فيه إلي أن الإسلام, رغم قصر عمره, مقارنة بالأديان الأخري, يحتل الآن اهتماما عالميا كبيرا سواء بالانتشار أو بالجدل الواسع في أرجاء العالم خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر, والذي أصبح حين ذاك مقترنا بكلمات مثل بن لادن إرهاب.
ولأن الكتاب موجه للقارئ الغربي ستقدم الكاتبة توضيحا للتفريق بين كلمة عربي وكلمة مسلم.كما تقدم تعريفا للتصنيفات التي تندرج تحتها المواقع الإلكترونية المهتمة بالإسلام فهناك مواقع ذات طابع تعليمي, وأخري ذات طابع ديني وصولا لمواقع ذات طابع تسويقي. وتلقي الكاتبة الضوء علي بعض الظواهر التي استجدت بفضل شيوع تقنية الانترنت, ومنها ظاهرة الفتاوي الإلكترونية.كما تشير إلي خطورة بعض الظواهر التي تستخدم الإنترنت لنشر أفكار خاطئة عن الاسلام كان تقدم نصوصا باعتبارها هي آيات قرآنية بينما هي ليست الا عبارات تسئ للإسلام والمسلمين, وقد يتلقاها القارئ الأجنبي باعتبارها حقائق مسلما بها.
تتناول المؤلفة رشا عبد الله في هذا الفصل أيضا عددا من المواقع الشعبية وتحلل مضمونها, ومن أهم القضايا التي ناقشتها رسوم الكاريكاتير الشهيرة وغيرها.كما يتوقف الكتاب أمام كيفية تعامل الحكومات العربية مع الانترنت, ومدي نجاح فكرة الرقابة علي حرية تدفق المعلومات وتداولها علي الشبكة.خاصة بين ظاهرة المدونات وشيوعها خلال العامين الماضيين, وهي الظاهرة التي تسببت في انتقال مصر من موقع متقدم بين الدول التي تتمتع بحرية التعبير علي الانترنت إلي موقع متأخر مع دول مثل السعودية وسوريا والامارات وغيرها.
وبالاضافة للمقدمة العامة عن تطور تاريخ شبكة الإنترنت في العالم, فهناك فصول تخصصها د. رشا عبد الله لتأمل عدد من القضايا مثل الدور الذي يلعبه الانترنت في التعليم, خاصة في مصر, وتشير إلي محدودية مستخدمي الإنترنت في العالم العربي وفي مصر علي نحو خاص حيث لايتجاوز عدد مستخدمي الشبكة5 ملايين فرد أي بمعدل7% من السكان, وتؤكد أهمية دور الإنترنت في تحديث المجتمع وفي ضرورة اتاحة حرية التعبير, موضحة ان المخاوف الأخلاقية التي يخشي منها البعض مثل المواقع الاباحية وغيرها لها نفس الفرص في الفضائيات والهواتف النقالة والكمبيوتر. وتؤكد ذلك من خلال بحث احصائي علي عينة من500 طالب كانت أهم نتائجها أن الوقت الأكبر من وقت استخدامهم للإنترنت كان يستهدف الحصول علي معلومة ما أو نوع من المعرفة أيا كانت.
الكتاب باختصار يوضح أن السؤال كما صاغه قديما شكسبير نكون أولا نكون قد أصبح : ندخل عالم الإنترنت أو لاندخله، هذا هو السؤال.
الأهرام، 16/5/2007