١٨ نوفمبر ٢٠٠٩
١٧ نوفمبر ٢٠٠٩
تكنولوجيا الويب الدلالية تغزو الصحافة ومواقعها
علي الرغم من أن تكنولوجيا الويب الدلالية لاتزال في مجملها جهدا مستقبليا يحمل قدرا من الحلم والطموح لجيل جديد من الإنترنت, وحقق فقط بدايات مبشرة من التطبيق العملي, فإنها وجدت طريقها إلي بيئات العمل الداخلية ومواقع بعض الصحف القليلة عالميا, وفي الاجتماع الاخير للمنتدي الدولي للمحررين ببراغ جري الحديث عن الويب الدلالية كواحدة من الموجات التكنولوجية التي يتعين علي الصحف الانتباه إليها وهي تسعي للبحث عن وسائل جديدة لجذب القراء وتخفيض النفقات وتعظيم العائدات, وهذا في حد ذاته مؤشر علي أن التداخل بين الصحافة والتكنولوجيا بلغ درجة جعلت الصحافة من أوائل الساحات التي تضربها موجات التكنولوجيا الجديدة, حتي وإن كانت هذه الموجات في طور التكوين أو الاختبار والبحث... فما هي الويب الدلالية ولماذا وكيف تغزو الصحافة؟
صاحب مصطلح الويب الدلالية أو السيمانتك ويبSemanticWeb هو الدكتور تيم بيرنارد لي الباحث بمعامل بحوث سيرن بسويسرا والذي سبق واخترع شبكة الويب نفسها عام1994 استنادا إلي فكرة النصوص التشعبية, وقدم برنارد لي هذا المصطلح لأول مرة في ديسمبر2004, وكان دافعه في ذلك أن80% من محتوي الويب الحالي عبارة عن نصوص صممت لكي يقرأها ويفهمها البشر, بينما برامج الحاسب ومتصفحات الويب وبرامج البحث عاجزة عن التعامل مع هذا المحتوي وفهمه وتحليله بناء علي دلالته أو معانيه ومضمونه.
وما أن طرح برنارد فكرته حتي تدافعت الأبحاث وجهود التطوير المتعلقة بالويب الدلالية, وفي غضون أقل من عامين فقط تشكلت البذور الأولي للويب الدلالية وبدا أنها تقود العالم نحو ثورة جديدة في عالم الإنترنت تعصف بالكثير من الثوابت الحالية وتنبئ بتغييرات عميقة ليس علي مستوي التكنولوجيا ولكن علي مستوي الثقافة والهوية والحضارة, وفي القلب منها الصحف ووسائل الإعلام.
والويب الدلالية هي منهجية تتعامل مع المعلومات والبيانات عبر مسارين: الأول يجعل أدوات جمع وتصنيف وفهرسة وتخزين واسترجاع ومعالجة وعرض البيانات والمعلومات والبحث فيها تعمل استنادا إلي ما تحمله هذه المعلومات والبيانات من دلالات ومعان, وليس علي أساس ما تحتويه من أحرف وألفاظ وكلمات كما هو حاصل حتي الآن, والثاني يجعل جميع أنواع هذه الأدوات ـ من تطبيقات ومتصفحات وقواعد بيانات وبرمجيات إدارة التقويمات وجداول المواعيد والجداول الاحصائية وغيرها من البرمجيات الأخري ـ مهيأة لأن تنفتح بلا حواجز أمام أدوات البحث والتقاط وتجميع المعلومات والبيانات ـ كمحركات البحث ومتصفحات الإنترنت وأدوات نقل المعلومات وعرضها علي المحمول ـ بما يجعل منها جميعا نسيجا متكاملا مترابطا وليس كتل مستقلة مغلقة علي نفسها كما هو الحال الآن.
لمزيد من التوضيح أقول أننا لو تصورنا ـ مثلا ـ أن هناك شخصا والدته مريضة وتحتاج إلي جلسات علاج طبيعي أسبوعيا, وأراد أن يستخدم الويب الدلالية لتحديد المواعيد والمكان واختيار العيادة, فهنا يمكن أن يدخل علي متصفح الويب الدلالية من خلال هاتفه المحمول المتصل بالإنترنت, ويطلب منه اقتراح عيادة, فيسترجع المتصفح المعلومات الخاصة بعلاج الأم من متصفح الويب الدلالية المخزن علي هاتف الطبيب, ثم يبحث في العديد من قوائم عيادات العلاج الطبيعي, ويركز علي العيادات التي توجد في دائرة قطرها20 ميل من منزل الأم والمتعاقدة معها في بطاقة تأمينها الصحي ويفلتر العيادات بحيث لا يتم اختيار سوي تلك المصنفة تحت تقدير امتياز أو جيد جدا في قواعد بيانات هيئات التقييم المعتمدة, ثم يطابق بين مواعيد الجلسات المتاحة والمنشورة في كل موقع من مواقع الويب الخاصة بعيادات العلاج الطبيعي ومواعيد العمل الخاصة بالابن, وخلال دقائق يقدم المتصفح خطة بها اسم ومكان العيادة ومواعيدها وتكلفتها وعلاقتها بالتأمين الصحي.
في هذا المثال نحن أمام أدوات وتكنولوجيات دلالية منتشرة هنا وهناك, تعتمد في عملها اعتمادا كاملا علي معاني ودلالات معلومات وبيانات موزعة في أماكن شتي عبر الإنترنت والحاسبات الشخصية والتليفونات المحمولة, مما سمح لها بالتعامل مع هذه البيانات الموزعة كنسيج واحد بعضه يكمل البعض الآخر, ويجمع بينه فكرة أو موضوع البحث.
السؤال الآن: ما علاقة الويب الدلالية بالصحافة ؟
الصحافة هي في التحليل الأخير قناة لتوصيل بيانات ومعلومات في صورة محتوي متنوع الأشكال والحالات ما بين صورة ونص وملفات سمعية وبصرية ومعلومة أو بيانات ديناميكية تتغير طوال الوقت, وتقوم الصحيفة بتجميع هذه البيانات والمعلومات أو إنتاجها يوميا من مصادر تملكها أو أطراف وأحداث تولدها, ثم تقدمها إلي جمهور يتلقاها ثم يتفاعل معها ويستخدمها بصور شتي, من بينها التعرف علي حالة حقوقه القانونية والمالية والدستورية والسياسية والوظيفية والخدمية والعلاجية والتعليمية, وكيفية الحصول عليها وكيفية استخدام وسائل ممارسته لهذه الحقوق والدفاع عنها والتعبير عنها, ومعرفة كيفية تعاطي الجهات التنفيذية والمسئولة بالدولة مع هذه الحقوق ومدي إهدارها أو صيانتها.
هذا معناه أن الصحيفة والعاملين بها وقراءها وزبائنها في حاجة دائمة إلي وسائل تعينهم علي الوصول إلي المحتوي المناسب الذي يحمل قيمة أو فائدة يجري البحث عنها, سواء في مراحل إعداد المحتوي الصحفي أو في مرحلة استهلاكه بعد النشر علي الويب والورق, وفي هذا الصدد يري الخبراء أن تكنولوجيا الويب الدلالية وأدواتها المختلفة يمكن أن تقدم للصحف ومحرريها وقرائها فرصا هائلة وغير مسبوقة في الوصول إلي المحتوي الذي يحتاجونه بصورة أسرع وأدق بتكلفة أقل وأكثر ثراء وعمقا.
ففي مراحل إنتاج المحتوي الذي يشمل تجميع المعلومات والبيانات من مصادر شتي, تأتي الويب الدلالية لتقدم وسائل قوية للمحررين والمراسلين والكتاب وغيرهم من منتجي المحتوي بالصحيفة تعينهم علي تجميع البيانات المتعلقة بمعني أو فكرة أو قضية وليس لفظ أو كلمة, فمن يبحث مثلا عن حادث تحطم طائرة ستعينه الأدوات الدلالية في البحث داخل جداول مواعيد الطائرات ومسارات الرحلات وقوائم الركاب وقواعد بيانات شركات تصنيع الطائرات والمطارات ونظم الحجز ومدونات وجداول مواعيد الركاب وحاسباتهم الشخصية وتليفوناتهم المحمولة، وكلما صادفت الأدوات الدلالية معلومة أو بيان ذي دلالة أو معني عن الحادث في كل هذه المسارات وفي أرشيف الصحيفة تقوم بالربط بينها وتحليلها وتقديمها في صورة معلومات وبيانات تعطي القصة الإخبارية عمقا غير معتاد, ومعلومات يصعب إن لم يكن من المستحيل الوصول إليها بالأدوات الحالية.
هنا نحن أمام أول فائدة تتحقق لقارئ الصحيفة ومن يطالع موقعها, لأنه سيجد نفسه أمام وجبة صحفية عميقة المعالجة غنية المعلومات زاخرة بالمعاني ذات العلاقة, فيزداد ولائه للصحيفة ويطول زمن بقائه علي موقعها, هذا فضلا عن أن وضع أدوات البحث الدلالية بين أيدي القارئ أو الجمهور يجعل الصحيفة التي تهييء محتوي موقعها ليكون محتوي دلالي في مقدمة الصحف التي تذهب إلي القارئ وهو يبحث عن موضوع معين باستخدام برنامج تصفح دلالي, أو أداة بحث دلالية, أما إذا لم يكن المحتوي جاهزا فتكون فرص ظهوره ضعيفة.
إذن يمكن القول إن البوابة التي ستدلف منها الويب الدلالية إلي عالم الصحافة تتمثل في تطوير المحتوي ووضع أدوات ذات قدرات غير مسبوقة أمام المحررين في مرحلة تجميع وإنتاج المحتوي وتحرير المقالات والاخبار والتحقيقات والتقارير والتحليلات, وهذا التطوير في المحتوي يتحول في النهاية إلي قيمة مضافة جديدة أمام القارئ المسلح بأدوات الويب الدلالية الخاصة بالتصفح والبحث وغيرها وهو علي موقع الصحيفة, حيث سيكون بإمكانه الحصول علي معارف ومعلومات أدق وبالصورة التي تناسبه بالتحديد وبقيمة أعلي, أو الحصول علي محتوي غني وعميق وهو يمسك بنسختها الورقية.
من هذا المنطلق تحدث جيرومي لاريدو نائب رئيس شركة أتيكس للبرمجيات أمام المنتدي عن الفوائد التي يمكن أن تجنيها الصحيفة من وراء توظيف وتطبيق أدوات الويب الدلالية, من بينها المساعدة في بناء قاعدة جماهيرية قوية للصحيفة تساهم في مكافحة ظاهرة تراجع التوزيع وتراجع الانتشار, وتحسين عائدات الاشتراكات وبيع الصحيفة, وتوفير أدوات إعلانية جديدة ومبدعة تقوم علي أساس التحليل العميق للمحتوي وربطه بما يناسبه من منتجات ترتبط بالسياق الذي يقرأه زائر الموقع أو قارئ الصحيفة, كما أن أدوات الويب الدلالية سوف تفتح آفاقا واسعة أمام الصحيفة لتقديم منتجات وخدمات صحفية جديدة تقوم علي التحليل العميق للمحتوي والكفاءة والتميز في استخلاص ما به من معان ذات علاقة بسياقات وقضايا وتوقيتات مختلفة, يمكن ترجمتها في صورة ملاحق أو صفحات خاصة أو خدمات إخبارية أو خبرات تاريخية تستند إلي ما يطلق عليه المحتوي ذي الذيل الطويلة.
خلاصة القول إن أدوات الويب الدلالية تتخذ طريقها الآن للتثبيت والتركيب والعمل داخل بيئة العمل بالصحف بمفرداتها المختلفة, كنظم معلومات التحرير ونظم الأرشيف وأدوات تصميم وإدارة الموقع, حاملة معها إمكانات واعدة في خفض النفقات وجذب القراء ورفع درجة ولائهم للصحيفة وقبل ذلك كله تجويد الخدمة الصحفية وجعلها أكثر عمقا وثراء بالمعلومات.
جمال محمد غيطاس، الأهرام-صفحة لغة العصر، 20/11/2009
لماذا فهرس معرض القاهرة الدولي للكتاب؟
للأستاذ الدكتور حشمت قاسم
بهذا العام، 2009، يستهل معرض القاهرة الدولي للكتاب العقد الخامس في مسيرته التي بدأت في العام 1968، متمنين له كل النجاح والازدهار، في خدمة الثقافة العربية بوجه عام، والكتاب بكل فئاته النوعية وأشكاله المادية على وجه الخصوص। ومعرض القاهرة ، كما هو معروف، أقدم معرض من نوعه في الوطن العربي، واستئناسًا برسالته وأهدافه، واسترشادًا بخبراته، وعلى هدي إنجازاته، نشأت وازدهرت في جميع الحواضر العربية تقريبًا معارض مناظرة، تتبارى الآن فيما بينها في توفير عوامل اجتذاب الناشرين والموزعين، وجمهور القراء والمشترين على السواء، بالحرص على الالتزام بالتوقيت، وتوفير الضوابط والمقومات التنظيمية، وضمان الحوافز والتيسيرات التسويقية... إلى آخر ذلك مما يرعى مصالح المشاركين، ويكفل راحة المتعاملين। ا
ولمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ذلك العرس الثقافي السنوي، طابعه المميز؛ فهو ليس مجرد مناسبة يلتقي فيها مختلف الأطراف الضالعة في صناعة الكتاب، من المؤلفين والمترجمين والمحققين، والناشرين، والموزعين، واختصاصيي المكتبات، وإنما سوق فعلية للكتاب، توفر فرص التوزيع وتلبية احتياجات المشترين من المؤسسات والأفراد. وهو ثاني أكبر سوق للكتاب على الصعيد الدولي، بعد سوق موسكو، من حيث عدد المشاركين وكم المعروضات.
وقد مر معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي تتحمل مسئولية تنظيمه وإدارته الهيئة المصرية العامة للكتاب، بسلسلة من التطورات التي شهدت نموًا مطردًا في موارده ومقوماته وأنشطته. ونرجو أن يشمل هذا التطور المزيد من الاهتمام بالجوانب التنظيمية بوجه عام، وما يتصل بتنظيم المعروضات والتعريف بها والترويج لها، اعتمادًا على تقنيات المعلومات والاتصالات المعاصرة، على وجه الخصوص. فبقدر ما ينمو كم المعروضات تنمو الحاجة إلى المزيد من التدابير والضوابط التنظيمية، وفي مقدمتها التعريف بالمعروضات على النحو الذي يكفل المحافظة على قيم صناعة الكتاب، ويخدم مصالح العارضين، ويحد من معاناة الرواد الحريصين على الوصول إلى ما يودون الحصول عليه من كتب. ويتخذ هذا الجانب التنظيمي المقصود في هذا السياق، شكل الفهرس الذي أصبح مألوفًا، بشكله الورقي والإلكتروني، في كثير من المعارض العربية.
وعلى الرغم من ضخامة كم ما يعرض بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، فإن التعريف بهذا الكم الهائل من أوعية المعلومات يمكن أن يتحقق بتكلفة لا تكاد تذكر، في ظل التطورات الراهنة في استخدام الحاسبات الآلية وتقنيات المشابكة الإلكترونية، التي شجعت كثيرًا من الناشرين على إنشاء مواقعهم على الإنترنت، والتعريف بإنتاجهم في هذه المواقع. ويعني ذلك وجود البيانات اللازمة لمثل هذا الفهرس في شكل مهيأ إلكترونيًا. ومن الممكن للهيئة المصرية العامة للكتاب، أو أي جهة أخرى تتكفل بتنظيم المعرض وإدارته، الشروع في إنشاء مرصد بيانات إلكتروني، يتاح على الخط المباشر عبر الإنترنت، يستوعب بيانات التعريف بما يتم عرضه، اعتمادًا على برمجيات تجهيز واختزان واسترجاع بسيطة، تكفل سهولة الاستخدام من جانب الكافة، كل في حدود ما يرخص له به. ويشتمل هذا المرصد على البيانات الأساس اللازمة للتحقق من هوية الكتاب وتمييز طبعاته، فضلاً عن السعر ومكان العرض وتشمل هذه البيانات الأساس مسئولية التأليف بكل أنماطها، من التأليف والترجمة والتحقيق... إلى آخر ذلك من أنماط المسئولية الفكرية، وعنوان الكتاب، ورقم الطبعة، وبيانات النشر بعناصرها الثلاثة، بالإضافة إلى بيان الصفحات أو عدد المجلدات، ويضاف إلى ذلك عنوان الجناح بالمعرض.
ومن الممكن لمحتوى هذا المرصد أن ينمو تلقائيًا؛ إذ تتاح للمشاركين في المعرض إمكانية إدخال بيانات كتبهم على الخط المباشر، وفقًا للمواصفات والشروط التي تحددها الهيئة المنظمة، كما تتم مراجعة هذا المحتوى وتحديثه، بالإضافة والحذف والتعديل بشكل مستمر، على النحو الذي يجعل منه وراقية (ببليوجرافية) تجارية للكتاب العربي، تكفل التعريف بالمتوافر منه بالسوق، وتصبح بثراء المحتوى وتعدد مداخل البحث فيه، مرجعًا لا غنى عنه بالنسبة لجميع فئات المهتمين بالكتاب، كما تعد مصدرًا لعدد كبير من أدوات تسويق الكتاب العربي على الصعيدين العربي والعالمي، بما في ذلك قوائم الكتب المتخصصة في مجالات موضوعية معينة، وقوائم الكتب المناسبة لمستويات قرائية معينة، فضلاً عن احتمال تحويل هذا المرصد إلى مورد لفهارس المعارض الأخرى.
ومعرض القاهرة الدولي للكتاب، بضخامة كم ما يعرض به، هو أنسب بيئة يمكن أن تحتضن مثل هذا الفهرس الذي تتجاوز فعاليته الحدود الزمانية والمكانية لهذا المعرض. ومن نافلة القول أن توافر مثل هذا الفهرس بالشكل المقترح يفتح المجال واسعًا للمزيد من المقومات والخدمات التي تصب في دعم صناعة الكتاب العربي، وتحد من معاناة الباحثين عنه، كما يكفل المزيد من الضوابط التنظيمية، كتوحيد سعر الكتاب على الرغم من تعدد أجنحة عرضه، وسد منافذ الطبعات المزورة أو غير المرخص بها، ومن ثم المحافظة على حقوق التأليف والنشر... إلى آخر ذلك من المزايا بالنسبة للكتاب العربي بوجه عام.
وفضلاً عن إتاحته عن طريق الإنترنت، بحيث يمكن لزائر المعرض قبل مغادرة المنزل، الاطمئنان إلى وجود ما يبحث عنه، فضلاً عن التصفح الذي يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف المزيد، يمكن لهذا الفهرس أن يُتاح للمترددين على المعرض عن طريق شبكة داخلية Intranet، توزع منافذ التعامل معها في شتى أنحاء المعرض، وتتكفل الهيئة العامة للمعارض بتوفير مقوماتها، بحيث تظل هذه المقومات، كأحد عناصر البنية الأساس، متاحة في خدمة جميع ما تستضيفه الهيئة من معارض طوال العام.
وبمجرد أن تكتمل عناصر البنية الأساس لهذا الفهرس في عامه الأول، وهذه مسئولية الهيئة المصرية العامة للكتاب في المقام الأول، سوف تقتصر الأعباء فيما بعد على المراجعة، التي تنطوي على إضافة تسجيلات الجديد من الكتب، واستبعاد تسجيلات الكتب التي نفدت طبعاتها، وتعديل بعض عناصر البيانات وفقًا لمقتضى الحال. ويمكن للهيئة المصرية العامة للكتاب، منفردة أو بالتعاون مع اتحادات الناشرين، توفير المقومات البشرية والمادية والتقنية اللازمة للإنشاء وضمان استمرار التشغيل. وبمرور الوقت لن يصبح هذا الفهرس عبئًا على الهيئة، وإنما موردًا لعائدات مباشرة وغير مباشرة، يمكن أن تتضح معالمها بمجرد بدء التشغيل، فضلاً عن القيم المضافة بالنسبة للهيئة بوجه خاص، والكتاب العربي والثقافة العربية بوجه عام.
للاستشهاد المرجعي:
حشمت قاسم. لماذا فهرس معرض القاهرة الدولي للكتاب؟ (كلمة المحرر). مجلة دراسات عربية في المكتبات وعلم المعلومات. مج14 ، ع2 (مايو 2009). أيضا على مدونة المكتبيين العرب:
http://arab-librarians.blogspot.com/2009/11/blog-post_5770.html
لهذه الأسباب...... جامعاتنا خارج التصنيف العالمي!
نشرت الصحف العالمية في مطلع الشهر الماضي/تشرين الأول اكتوبر/ تصنيف التايمز العالمي الشهير للجامعات لأفضل 200 جامعة في العالم أجمع The Times Higher Education – QS World University Ranking ، وهناك تصنيف آخر للجامعات، هو تصنيف جامعة جياو تونغ/ شنغهاي Shanghai Jiao Tong University ، أو اختصاراً تصنيف شنغهاي، الذي كان قد صدر في الأول من هذا الشهر، ويترقبه العاملين في التعليم العالي في كل عام كونه يعتمد معايير أكاديمية أكثر من تصنيف التايمز، لذلك يعتبر أكثر التصانيف انتشاراً وقبولاً في الأوساط الأكاديمية، وهذا التصنيف بدأ كمشروع صيني ضخم لإعداد تصنيف أكثر من 9000 جامعة حول العالم، وكان يهدف بداية إلى قياس الفجوة بين الجامعات الصينية والجامعات العالمية المرموقة التي تعتني بالبحث العلمي. ويعتمد تصنيف شانغهاي على المعايير التالية:جودة التعليم/الخريجون(10%)، وجودة أعضاء هيئة التدريس-الجوائز(20%)، الأبحاث المستشهد بها(20%)-، والمخرجات البحثية (20%) في مجلتي نيتشر وساينس، وأخيراً حجم الجامعة أو المعهد (10%).
ومن الجدير بالذكر أن هناك تصنيفات أخرى تقوم بها جهات أكاديمية أخرى(كالتصنيف الأسباني وأفضل مائة جامعة في مجال علوم الحياة والطب...........الخ)، وهذه التصنيفات جمعيها لها نظام محدد، ومتطلبات معينة من أجل أن يكون لهذه الجامعة أو تلك مكاناً في هذه القائمة أو التصنيف.
وفي كل مناسبة، عندما تصدر إحدى هذه التصنيفات العالمية، تزخر وسائل الإعلام العربية بمقالات الردح والبكاء على الأطلال، التي لا تخلو أحيانا من إيحاءات نظرية المؤامرة، لأن هذه التصنيفات قد خلت من اسم جامعة عربية واحدة!، مع العلم بأن عمر بعضها يعود إلى أكثر من قرن!!، وربما أكثر، في حين أن هناك جامعات عمرها لا يتجاوز بضعة عقود قليلة من الزمن، مثل بعض الجامعات الإسرائيلية وغيرها، وجدت لنفسها مكاناً لائقاً في هذه القوائم.
ولقد جاءت المقالات بعد نشر هذا التصنيف، ضمن هذا السياق أيضاً، فالبعض انطلق من نظرية المؤامرة ورأى إن بعض الجامعات العربية العريقة، كجامعتي القاهرة ودمشق أو غيرهما، تستحق أن يكون لها مكانا في هذا التصنيف، والبعض الآخر عزف على وتر جلد الذات، كما هي العادة، في كل مرّة يخرج فيها العرب من سباق حضاري أو ثقافي ما.......
ولكن وبغض النظر عن المتطلبات التي يجب توفرها في هذه الجامعة أو تلك، لكي تضمن لها مكاناً في هذا التصنيف أو تلك، وبغض النظر عن ما نُشر في وسائل الإعلام حول هذا الموضوع ، أو على الأقل الذي تسنّى لنا الاطلاع عليه، فإنه من حقّ كل فرد عربي، وخاصة من أصحاب الشأن العلمي أو العاملين فيه، أن يسأل نفسه السؤال التالي: لماذا غابت الجامعات العربية عن هذا التصنيف العالمي لأفضل 200 جامعة ؟ مع العلم بأنه ومنذ سنتين لم تكن هناك أي جامعة عربية حتى ضمن قائمة أفضل 300 جامعة!، إلا أنه في هذا العام، دخلت جامعتا الملك سعود بالمرتبة(247) وجامعة الملك فهد بالمرتبة(266)-المملكة العربية السعودية في تصنيف التايمز أيضاً لأفضل 300 جامعة في العالم. أما في تصنيف شانغهاي لأفضل 500 جامعة في العالم فلقد أحتلت جامعة الملك سعود المرتبة 402 وذلك دون سواها من بقية الجامعات العربية، وبترتيب68 من أصل 106 جامعة على المستوى الإقليمي.
وربما تساءل البعض أيضاً، هل هناك من مبرر لصرف ميزانيات ضخمة على هذه الجامعات، وخاصة في بعض الدول العربية، مع العلم بأن نتائجها مُخيّبة للآمال؟، وغيرها الكثير من الأسئلة المشابهة، التي لا تخلو من القسوة أحيانا على هياكل ومنسوبي هذه الجامعات وإداراتها!!. ولكن لو نظرنا إلى الأمر بتجرّد، وبموضوعية معقولة، نجد أن هذا الأمر، ليس بهذه السوداوية المطلقة، كما أنه ليس بالصورة المشرقة أيضاً!، وعليه فإن غياب الجامعات العربية عن التصنيف العالمي، قد يكون شيئاً طبيعياً، بل هو أكثر من ذلك، أنه متوقعاً، وهناك سؤال آخر، من الممكن أن يكون أهم وهو: هل يكفي لجامعتنا أن ترد في تصنيف عالمي لكي نقول أن التعليم العالي والبحث العلمي في أرجاء بلادنا بألف خير؟، وربما يحوم سؤال بطبيعة أخرى مغايرة، هل هذا التصنيف أو سواه مهم لنا أو أنه يعنينا أصلاً؟، وما الذي سوف نحصل عليه فيما لو دخلنا القائمة ولو في ذيلها؟،سوى التطبيل والتذميّر لهذا الحدث الجلل!!!.
على أية حال، إن غياب جامعاتنا بما في ذلك العربية منها يمكن إرجاعه إلى أحد الأمرين أو السببين: السبب الأول: ذاتي والآخر موضوعي، وربما ، في حالات كثيرة، يتداخل الذاتي بالموضوعي، لدرجة أنه من الصعوبة بمكان الفصل بينهما.
من الأسباب الذاتية نذكر أن معظم الجامعات العربية هي خارج المنافسة العالمية في الأصل، ومعظمها لم يهيئ نفسه بالأساس لهذا السباق الحضاري أو العلمي، وعليه فإن لهذه الجامعات، على الأغلب وظيفة واحدة، ألا وهي تخريج أو على الأصح تفريخ الكوادر الشابة بشهادات، قد لا يجد حاملوها مكانا لهم في سوق العمل. كما إن معظم الجامعات العربية مُنفصلة عن مجتمعاتها، تبدو وكأنها جزرُ معزولة، فالحضور العلمي، وأعني البحث العلمي، والحضور الثقافي التنويري ضئيل، وفي حالات كثيرة معدوم، بعد أن كانت هذه الجامعات رائدة وسبّاقة، خاصة فيما يتعلق بالشق الثقافي والتنويري. فالأبحاث العلمية، وما أدراك ما الأبحاث العلمية، في هذه الجامعات هي أبحاث للترّقية فقط، وهي تكرار لما توصّل إليه الآخر، إلا ما رحم ربي!!!، وفي أحسن الأحوال سوف يجد البحث، الذي ينشره أستاذ جامعي (مجتهد) في إحدى أعداد المجلات العلمية الجامعية، مكانا له في الأرشيف على أحد رفوف مكتبة الجامعة!!!.
هذا هو الواقع، فلما النحيب والندب والبكاء، على جامعاتنا العربية!!!. ولا نبالغ إذا قلنا أن حال الجامعات العربية، هي كحال الجامعة العربية نفسها، وكحال أعضائها الـ: 22 ايضاً!!. فإذا كنا قد فشلنا في كافة المجالات الحضارية والثقافية، فلماذا يكون النجاح حليفنا في المجال العلمي فقط؟، ولماذا يحوم الاستغراب حول غيابنا عن التصنيف العالمي لأفضل 200 جامعة أو غيرها، في حين نرى أن الجامعات من الدول الأسيوية كالصين والهند وماليزيا وكوريا الجنوبية و........وتركيا وإسرائيل(ثلاث جامعات في قائمة الـ200) بدأت تحتل مواقع متقدمة معقولة، وتتقدم عاماً بعد آخر ضمن هذا التصنيف أو ذاك.
إن الجامعة، أي جامعة، هي جزء من كل، جزء من النظام العام السائد في البلد، فلماذا التركيز على الجزء الواحد ونسيان بقية الأجزاء أو النظام ككل؟ فعلى سبيل المثال ما هي إنجازاتنا في مجال الاقتصاد، والتصنيع التكنولوجي، والثقافة، والإعلام وحتى السياسة؟ ألا ترون معي أن الدول التي تحتل جامعاتها مواقع متقدمة في التصنيف العالمي لها بالتأكيد إنجازات حضارية في ميادين مختلفة أيضاً. ولنتذكر في السابق –على سبيل المثال- ماذا كانت النظرة إلى الجامعات الأسيوية وخاصة في الصين، والهند وماليزيا، وكوريا الجنوبية؟، وماذا كانت نظرة العالم(بما في ذلك العربي) إلى بعض جامعات أوروبا الشرقية؟ خاصة ونحن نرى أن العديد منها بدأ يظهر في هذه التصانيف ويتقدم نحو الأعلى سنة بعد أخرى (كجامعتي موسكو وسانت بطرسبورغ-روسيا، وجامعة براغ-تشكيا).
إذن القصّة ليست مؤامرة، كل القضية وما فيها أن الإنجاز العلمي لجامعاتنا العربية ضحِل، ولا يرقى لإنتاج جامعة واحدة في دولة متقدمة!! فعمر الكثير من الجامعات العربية يفوق الضعف، وربما أكثر لعمر جامعة أو معهد حيفا التقني(إسرائيل)، وفي هذا العام دخلت جامعة النقب أيضا في قائمة التصنيف، مع ذلك فإن الإنتاج العلمي لهذا المعهد يفوق الإنتاج العلمي لأي من هذه الجامعات العربية العريقة. أما هو سبب ذلك؟، فهذا مجال آخر للبحث.
ومن الأسباب الموضوعية أن هذه التصانيف لها نظام محدد، ولهذا النظام معاييره المحددة أيضا، وعليه فإن كل جامعة تسعى لأن يكون لها مكانا ضمن هذا التصنيف، يجب أن تهيئ نفسها لذلك، بما في ذلك الكادر التدريسي لديها والطلابي أيضاً والموظفين. فعلى سبيل المثال إن إحدى معايير تصنيف التايمز الشهير يعتمد على قدرة الجامعة على استقطاب الكوادر العلمية المرموقة، والأسماء اللامعة في دنيا العلوم كافة من مختلف الجنسيات، ويعتمد أيضا على مدى تنوع جنسيات الطلبة فيها. وهذا الأمر غائب تماماً عن معظم جامعاتنا العربية، وليس بإمكان معظم الجامعات العربية فعل ذلك، لأسباب مختلفة وعديدة ويأتي في مقدمتها نظام الرواتب والمكافآت المادية وغير المادية، إلا ما ندر، في بعض دول الخليج العربية(الإمارات، السعودية، قطر)، إذ أن معظم الجامعات العربية ليست أكثر من مؤسسات حكومية يعشعش فيها الروتين، والفساد الإداري، والعلمي، وبمرتبات ضعيفة وحوافز مادية وغير مادية باهتة، ولكن العوائد المادية الضخمة تذهب فيها للنخبة الإدارية"الإدارات العليا" فقط!
ولكن الأكثر أهمية من ذلك أن هذه الجامعات ليست مستقلة أكاديميا، وتتدخل الحكومات بعملها بشكل فاضح. أما الجامعات الخاصة، فإنها للأسف الشديد، ليست أكثر من مشاريع تجارية ناجحة أبى رأس المال "الوطني" إلا أن يدخله لقطف عوائد مادية ضخمة، فنادراً ما نرى إسهاماً علمياً فعلياً لجامعة خاصة في بلد عربية، سوى القيام بأعمال التدريس لطلبة لم يجد أغلبهم مكانا لهم في الجامعات النظامية، أي شهادات بفلوس!!، وهذا الأمر لا تتحمله إدارات هذه الجامعات فقط، بل منظومة التعليم العالي ككل في هذه البلدان التي تحتوي على ثقوب أو قل فتحات كبيرة يمكن النفاذ منها والعبث بهذا التعليم!. أما الجامعات الخاصة في الدول المتقدمة فإنها لا تقوم على أساس تجاري أو ربحي، وإنما هي، على الأغلب، مشاريع خيرية، وإن قام بها رجال الأعمال، لا يبغون الربح أساسا، كما تعتمد في تمويلها على التبرعات المُقدمة من منظمات مدنية غير حكومية، إضافة للرسوم الجامعية البسيطة لتغطية نفقاتها، طبعاً يمكن لها أن تؤسس شراكات علمية مع الشركات لتمويل البحث العلمي فيها. لذا فمن المستبعد أن تساهم أيّ من هذه الجامعات في البحث العلمي والتطوير الأكاديمي في المدى المنظور على أقل تقدير، مع العلم بأن وضعها المالي أفضل بكثير من وضع الجامعات الحكومية نفسها ويشهد على ذلك الكثير من الأشياء، مبانيها على سبيل المثال!!.
محمد شعبان، موقع مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية، 3/11/2009
ومع ذلك ، فإنه لابد من القراءة
لا شك أن رأي الأستاذ سمير عطا الله في التدوينة السابقة، بعدم قراءة تقرير المعرفة العربي للعام 2009، كان مجازيا ؛ فهو يوجه أنظار القراء – بصورة غير مباشرة - إلى مدى التردي إلذي وصل إليه حال المجتمع العربي عامة والمجتمع العلمي فيه خاصة.
وعلى العموم، هذه هي الرابطة المتاح عليها التقرير، والذي نطالب الجميع أن يقرأوه
http://www.mbrfoundation.ae/English/Documents/AKR2009-Ar/AKR-Ar.pdf