أ. د. حشمت قاسم
أستاذ المكتبات وعلم المعلومات
كلية الآداب – جامعة القاهرة
دعونا بادئ ذي بدء نتفق على ما يلي :
· إذا كانت السياسة العربية قد أصابها ما أصابها ، فأصبحت عامل فرقة وخلاف ، فإن الثقافة العربية كانت دوما وستظل أبداً عامل وحدة وائتلاف.
· لقد كانت المكتبات وما زالت الحصون التي تحمي كنوز الثقافة، وتشكل فهارسها مفاتيح الوصول إلى محتوى هذه الكنوز.
· أن التعاون، أو تضافر الجهود أو تقاسم الموارد أيا كانت الوسيمة ، هو ملاذ المكتبات فيما تواجهه الآن من ظروف اقتصادية ضاغطة؛ فانكماش الموارد المالية يضع هذه المؤسسات أمام معادلة صعبة.
· لا يمكن لأي مكتبة مهما توافر لها من موارد وإمكانيات، في مجتمع المعلومات المعاصر، أن تدعي القدرة على تلبية كامل احتياجات مجتمع المستفيدين من خدماتها.
· أن مكتبات البحث ( الجامعية والمتخصصة والوطنية ) في الوطن العربي أحوج ما تكون إلى تقاسم الموارد، نظراً لتزايد التكلفة وانخفاض معدلات الإفادة من ناتج الإنفاق، الأمر الذي يؤدي إلى تدني مستوى فعالية التكلفة.
· أن تقاسم الموارد بين المكتبات ومرافق المعلومات ينطوي على أمرين؛ أولهما توزيع أعباء تكلفة المجموعات، من اقتناء وتجهيز واختزان وصيانة، وثانيهما تبادل المنفعة على النحو الذي يلبي احتياجات المستفيدين.
· أنه لا تعاون إلا بين أنداد؛ وذلك لضمان توازن المرور في الاتجاهين، وحتى لا تشكل بعض الأطراف عبئاً على الأخرى. وينبغي أن تكون الندية في الموارد البشرية والقدرات المادية على السواء. وما لم تتوافر الندية فإنه لا مجال للتكافل في علاقات المؤسسات ببعضها البعض في البيئة التنافسية السائدة.
· أن الفهرس الموحد هو العمود الفقري لجميع أوجه التعاون بين المكتبات.
· إذا كنا قد شهدنا بعض نماذج الفهارس الوطنية الموحدة للدوريات، فإن كثافة التنوع النسبي للكتب قد حالت دون توافر الفهارس الموحدة الخاصة بها اعتماداً على الأساليب التقليدية.
· أن تطور تقنيات المعلومات ممثلة في التزاوج بين الحاسبات وشبكات الاتصالات، فيما يسمي المشابكة الإلكترونية، قد ذلل الكثير من الصعوبات التي تكتنف إعداد واستثمار الفهارس الموحدة للدوريات والكتب على السواء.
· إذا كانت مؤسسات العمل الثقافي العربي الموحد قد بدت عاجزة عن دعم مقومات التعاون بين المكتبات، فإن المبادرة السخية التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، عاهل المملكة العربية السعودية، لدعم مشروع الفهرس العربي الموحد، تضع المكتبات العربية أمام مسئولياتها في مواكبة التطورات الراهنة. فقد وفرت هذه المبادرة الكريمة إمكانية دعم مقومات البنية الأساس التقنية لهذا المشروع، كما ذللت أيضاً الكثير من الصعوبات الفنية والإدارية التي يمكن أن تواجه المكتبات الحريصة على المشاركة في هذا الجهد التعاوني.
· إن أقصي ما يطمح إليه الباحث في تعامله مع المكتبات، أن يجد مفاتيح كنوز هذه المكتبات مجتمعة طوع بنانه، بمجرد الضغط على بضع مفاتيح تكفل له القدرة على الوصول إلي ما يحتاج إليه، أياً كانت مداخل البحث والتنقيب. وها هي ذي مقومات تلبيه هذا الطموح، ممثلة في "الفهرس العربي الموحد"، وقد أصحبت منه قاب قوسين أو أدنى.
ويهدف الفهرس العربي الموحد للتعريف بمقتنيات المكتبات الأعضاء ، على اختلاف لغات هذه المقتنيات، بكل فئاتها النوعية وتخصصاتها الموضوعية. ومن شأن هذا المشروع أن يوحد أساليب المعالجة الوصفية والموضوعية لأوعية المعلومات المقتناة في المكتبات المتعاونة، كما يحول دون تكرار الجهد في تجهيز المقتنيات، كما يوفر أساساً للتنسيق في الاقتناء، على النحو الذي يكفل الحد من التكلفة، ويتيح لاختصاصي المكتبات فرصة التركيز على ما يقدم للمستفيدين من خدمات، فضلاً عن توفير مقومات الإدارة العلمية للمكتبات على النحو الذي يكفل الارتفاع بمستوى فعالية التكلفة كما يشجع أيضاً المكتبات على تنمية مواردها البشرية ومقوماتها المادية والتقنية لكي تصبح أهلاً للمشاركة في هذا الجهد التعاوني.
ومكتبات البحث في الوطن العربي بقدر ما يتيح لها مشروع الفهرس العربي الموحد فرصة طال انتظارها، فإنه يضعها أمام اختبار حقيقي، نرجو أن تتمكن من اجتيازه بنجاح، حتى تؤكد دورها في خدمة أهداف البحث العلمي، والإسهام في مواجهة تحديات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، على النحو الذي يضعها في مصاف المؤسسات المناظرة في المجتمعات التي سبقتنا في هذا المضمار.
ونرجو أن تستند القرارات في هذا الصدد على أسس مهنية خالصة واعية على النحو الذي يؤكد قدرة اختصاصي المكتبات على الاختيار.
للاستشهاد المرجعي:
حشمت قاسم. مرحبا بالفهرس العربي الموحد. دراسات عربية في المكتبات وعلم المعلومات. مج13، ع1 (يناير 2008). متاحة أيضا على:
http://arab-librarians.blogspot.com/2008/07/blog-post_5127.html