الإنترنت تزيد نهم الشباب إلى الكتب الورقية
بيّنت دراسة أجريت في الولايات المتحدة أخيراً، أن الشباب في تلك البلاد يشكلون الشريحة الأكبر من مرتادي المكتبات العامة لقراءة كتبها، على رغم سهولة وصولهم إلى المعلومات الجمة المتوافرة على الإنترنت في منازلهم.
ويبدي هؤلاء الشباب اهتماماً بالبحث عن كتب تجيب عن أسئلة تتعلق بأحوال الصحّة، والتدريب على الأعمال، والخدمات التي تقدّمها الحكومة وغيرها. وقد لجأ 21 في المئة من الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة ممن يبحثون عن إجابات لأسئلة من هذا النوع من المواضيع إلى المكاتب العامة وكتبها، فيما لم تتعد النسبة عينها الـ 12 في المئة بين الجمهور العام.
وتُعتبر المهمة المتعلقة بالدراسة (مثل اتخاذ القرارات حول المدارس، ودفع أقساطها، والحصول على تدريب على العمل) من المشاكل الأكثر شيوعاً التي تجذب الناس نحو المكتبات، بحسب دراسة مشتركة بين مؤسسات «بو إنترنت» و «أميركان لايف بروجكت» وجامعة «إيلينوي» في أوربانا في ولاية شامباين.
وبيّنت تلك الدراسة أيضاً أن هؤلاء الشباب يقصدون المكتبات من أجل الحصول على كتب مرجعية وصحف ومجلات متنوعة.
وعلّق لي رايني، مدير مؤسسة «بوانترنت» على نتائج هذه الدراسة بالقول: «لم ينتهِ عصر الكتب... ليس بعد».
ووجدت الدراسة أن استخدام المكتبات ينخفض تدريجياً مع تقدّم الناس في العمر. وتنحدر تلك النسبة من 62 في المئة لدى الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، لتصل إلى 32 في المئة لدى الذين يتعدّون 72 سنة، مع انخفاض حادّ عند بلوغ الأميركيين عمر 50 سنة.
وفي هذا الصدد، علق رايني بالقول: «تفاجأنا فعلاً في هذه الدراسة عندما تبيّن أن البالغين الشباب هم مستخدمو المكتبات الأكبر... فقد سيطرت فكرة على ثقافتنا تقول إن هؤلاء الشباب الذين يملكون الإنترنت (والكثير من الأجهزة الذكية) يسبحون في بحر من المعلومات ولا يحتاجون إلى أمكنة تتواجد فيها المعلومات في الكتب والصحف والمجلات الورقية».
وأعرب لاي إستابروك، وهو بروفسور متقاعد في علم المعلومات وعلم الاجتماع في جامعة «إيلينوي»، عن اعتقاده بأن الشباب الذين اعتادوا العثور على المعلومات على الإنترنت سيطلبون المزيد على الأرجح وسيدركون أن عليهم اللجوء إلى المكتبات للحصول عليها.
وحذّر تقرير أطلقته مؤسسة «بنتون»، وهي مجموعة تهتم بدراسة العصر الرقمي، عام 1996 من أن الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 سنة هم «الأقلّ حماسة لدعم بناء المكتبات والحفاظ عليها... إنهم أيضاً الأقل حماسة بين كل مجموعات الأعمار حول أهمية المكتبات في مستقبل رقمي». ووجدت الدراسة الجديدة أنّ هذا الجيل أصبح يستخدم المكتبات لحلّ المشاكل بكثرة. وفي المقابل، فإن العقد الذي مرّ بعد تقرير «بنتون»، شهد ارتفاع نسبة الدخول إلى الإنترنت بنسبة 44 في المئة من المكتبات العامة إلى أكثر من 99 في المئة. وأعاد الكثير من المكتبات ترتيب المساحات أو انتقل إلى مواقع جديدة لاستيعاب التوسّع في الكومبيوترات. وفي الكثير من الأماكن، حلّت طاولات طويلة، حيث يمكن المستخدمين التفاعل، محل حجرات الدراسة الفردية.
وتقول لوريين راي، رئيسة «رابطة المكتبات الأميركية» التي لم تنخرط في الدراسة: «نحن نرى تحويلاً كبيراً... لقد أصبحت المكتبات تخلق مساحات اجتماعية».
كما وجدت الدراسة أن استخدام المكتبات أدنى لدى الذين لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت، لا سيما حين يكون مدخولهم أدنى، مع أنه بالنسبة إليهم تعتبر المكتبة المصدر الوحيد للإنترنت العالية السرعة. بيد أنهم عندما يواجهون مشكلة عليهم حلها يلجأون إلى المكتبات لقراءة الكتب وبالكثافة نفسها التي ظهرت عند الفئة السابقة».
وقالت روي: «نعرف أن الجميع يواجه مشاكل ويحتاج إلى المعلومات... مازال على المكتبات أن تصل إلى الناس وتحرص على أن يعرفوا عن المصادر المتوافرة فيها».
وأجريت الدراسة عبر الهاتف على 2796 بالغاً، من بينهم 1702 مستخدمي إنترنت، ويتراوح مجال الخطأ فيها بين زائد 3 أو ناقص 3 في المئة.
الحياة، 30/10/2011