قراءة في التقرير العالمي لتكنولوجيا المعلومات لعام2007
صباح الخميس الماضي أطلق المنتدي الاقتصادي العالمي ـ الذي يعقد دوريا في دافوس ـ تقريره السادس حول أوضاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في122 دولة حول العالم, وعقب صدوره تناولته العديد من المواقع الكبري والمتخصصة علي الإنترنت بالتعليق والتفسير, كما نشر موقع المنتدي جزءا لا بأس به من بياناته الخام الأساسية والتي توفر صورة إجمالية لفحواه ونتائجه, وكان من بينها القائمة الكاملة للدرجات التي حصلت عليها كل دولة وترتيبها داخل المؤشر العام للتقرير, وحينما راجعت موقف مصر بالتقرير وجدتها قد تقهقرت للوراء14 نقطة دفعة واحدة وفقدت مركزها الذي سجلته العام الماضي وكانت تحتل فيه المرتبة رقم63 لتصبح هذا العام في المرتبة77, وبعد أن كانت مصر عام2004 ـ من حيث معدل التراجع ـ مصنفة ضمن مجموعة دول تضم اليابان والبرازيل والإمارات أصبحت الآن ضمن مجموعة الدول التي تسجل تراجعا سريعا وحادا وتضم أوغندا وزيمبابوي وبوتسوانا.
صباح الخميس الماضي أطلق المنتدي الاقتصادي العالمي ـ الذي يعقد دوريا في دافوس ـ تقريره السادس حول أوضاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في122 دولة حول العالم, وعقب صدوره تناولته العديد من المواقع الكبري والمتخصصة علي الإنترنت بالتعليق والتفسير, كما نشر موقع المنتدي جزءا لا بأس به من بياناته الخام الأساسية والتي توفر صورة إجمالية لفحواه ونتائجه, وكان من بينها القائمة الكاملة للدرجات التي حصلت عليها كل دولة وترتيبها داخل المؤشر العام للتقرير, وحينما راجعت موقف مصر بالتقرير وجدتها قد تقهقرت للوراء14 نقطة دفعة واحدة وفقدت مركزها الذي سجلته العام الماضي وكانت تحتل فيه المرتبة رقم63 لتصبح هذا العام في المرتبة77, وبعد أن كانت مصر عام2004 ـ من حيث معدل التراجع ـ مصنفة ضمن مجموعة دول تضم اليابان والبرازيل والإمارات أصبحت الآن ضمن مجموعة الدول التي تسجل تراجعا سريعا وحادا وتضم أوغندا وزيمبابوي وبوتسوانا.
قبل الخوض في تفاصيل وضع مصر داخل التقرير أشير سريعا إلي أن هذا التقرير من إعداد المنتدي الاقتصادي العالمي بالتعاون مع مؤسسة انسيد الرائدة في مجال الأعمال علي المستوي الدولي, وينشر للعام السادس علي التوالي تحت اسم تقرير تكنولوجيا المعلومات العالمي, ويعتبر مؤشر الاستعداد الشبكي العمود الفقري للتقرير, وهو عبارة عن منهجية أو أداة ذات أرضية علمية رصينة صممها باحثو ومعدو التقرير ليستخدمونها في قياس مدي ما لدي البلدان المختلفة من إرادة وإنجاز حقيقي علي الأرض في تفعيل وتوظيف الفرص التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لخدمة عمليات التنمية وزيادة التنافسية, كما يختبر المؤشر مدي استعداد الدول لاستخدام تكنولوجيا المعلومات بفعالية علي ثلاثة محاور الأول الأعمال العامة والثاني البيئة التنظيمية والثالث البنية الأساسية المطلوبة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات, ولذلك يعتبر التقرير من أهم مؤشرات التقييم التي تحظي بالاحترام في مجال قياس تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات علي عملية التنمية والقدرات التنافسية للبلدان المختلفة حول العالم. والآن... ما هي صورة مصر داخل التقرير؟
تقتضي الموضوعية والبحث عن الحقيقة أن نتناول التقرير بغرض رصد أوضاع مصر كما قدمها باحثوه ومعدوه وبالصورة التي يتوقع أن يفهمها العالم وهو يحاول أن يبني مواقفه تجاه الاستثمار والتعامل مع قطاع تكنولوجيا المعلومات المصري في إطار البيئة التنافسية العالمية شديدة الضراوة والتعقيد, واتساقا مع ذلك قمت بالتعامل مع المعلومات الواردة بالتقرير في ضوء التقريرين السابقين عليه والصادرين عامي2004 و2005 ثم قمت بتصنيف وعرض البيانات الخاصة بمصر في التقارير الثلاثة وفقا للمسارات الخمسة التالية:
ـ المسار الأول استهدف تلخيص الوضع العام لمصر داخل التقرير بالأرقام المجمعة السريعة, وفي هذا الصدد وجدت أنه في عام2004 كانت مصر تحتل المرتبة رقم57 من بين104 دول شملها التقرير, وكــــان مؤشـــر الاستعداد الرقمي يعطيها درجة هي- 0.24, وفي عام2005 ارتفع عدد الدول التي شملها التقرير إلي115 دولة وتراجعت فيه مصر للوراء قليلا لتحتل المرتبة63 وتحصل علي درجة أقل هي-0.29 وبذلك خسرت مصر ست نقاط فيما يتعلق بالمرتبة وحوالي0.05 فيما يتعلق بالدرجة, وفي التقرير الجديد الذي أعلن الخميس الماضي تكرر التراجع مرة أخري ولكن بصورة أكبر حيث خسرت مصـر14 نقطــة دفعـة واحـدة واحتلت المرتبــة رقم77 وارتفعت الدرجة التي حصلت عليها في المؤشر لتصبح3.44.
ـ المسـار الثاني حاولت من خلالــه التعرف علي ترتيب مصــر خلال الفتـــرة من2004 إلي2006 بالنسبة لمجموعة من الدول العربية والدول الأخري الأقرب لمنافستها في مجال تكنولوجيا المعلومـات والاتصالات عالميـا, فوجدت أنـه في عـام2004 كانت مصر تأتي بعد إسرائيل وإيرلندا والإمارات وتونس والبحرين وجنوب إفريقيا وقبرص والهند والأردن والبرازيل وتركيا ورومانيا, لكنها كانت تسبق كل من باكستان وبولندا وبلغاريا وأوغندا والجزائر ونيجيريا والكويت وقطر, وفي عام2005 تغير الموقف ولم تعد مصر تسبق سوي بلغاريا وباكستان وأوغندا والجزائر ونيجيريا وتفوقت عليها الكويت وقطر وبولندا, وفي عام2006 تغير الموقف من جديد ولم تعد تسبق سوي الجزائر وباكستان ونيجيريا وأوغندا وتفوقت عليها بلغاريا.
ووجدت كذلك أنه من حيث معدل التراجع والتقدم خلال عام2005 كانت مصر تحتل المرتبة الثالثة بين منافسيها وجيرانها بمعدل تراجع قدره-6 عن عام2004, وكان الأسوأ منها هما البحرين بمعدل تراجع-16 والجزائر بمعدل تراجع-7, فيما كانت باقي الدول بالجدول أفضل منها بدرجات متفاوتة وأفضلها علي الإطلاق بولندا التي سجلت في ذلك العام معدل تقدم قدره19 نقطة, وفي عام2006 حافظت مصر علي مرتبتها الثالثة في معدل التراجع لكنها سجلت نقاطا أكبر للوراء قدرها-14, لكن الدول الأسوأ تغيرت وأصبحت أوغندا وباكستان بدلا من البحرين والجزائر اللتين استطاعتا تحسين أوضاعهما والتفوق علي مصر, بل إن الجزائر كانت هي الدولة التي حققت أفضل معدل تقدم في هذه المجموعة عام2006 بإجمالي8 نقاط.
وحينما راجعت المعدل العام للتقدم والتراجع خلال فترة2004 و2006 وجدت أن مصر تحتل المرتبة الثانية بين الدول الأسوأ أداء بنقاط تراجع إجماليها-20 وذلك بعد أوغندا التي تراجعت بمقدار-23 نقطة, في حين أن أفضل الدول أداء في هذا المسار هي بولندا التي حققت تقدما إجماليا قدره14 نقطة خلال هذه الفترة, والنتيجة التي يمكن الخروج بها من هذه الأرقام أن مصر طوال هذه الفترة لم تستطع التفوق علي أي من جيرانها أو منافسيها حول العالم بل تراجعت أمام الجميع ولم يسبقها في التراجع سوي أوغندا.
ـ المسار الثالث رصدت فيه الدول العشر الأقرب لمصر في الترتيب العام للتقرير وتحديدا الدول التي تحتل المراكز الخمسة السابقة عليها والخمسة اللاحقة لها بكل سنة, ولاحظت أنه في عام2004 كانت مصر تقع ضمن مجموعة دول من بينها تركيا ورومانيا والمغرب وروسيا والمكسيك ولاتفيا, وفي عام2005 تراجعت وأصبحت ضمن مجموعة دول أقل في القدرات والترتيـب والقـدرة علي المنافسـة مثل غانـا والسلفادور وباكستـان وكازخستـان وأوروجواي, وفي عـام2006 تكرر السيناريو ودخلت مصر دائرة دول أقل في القدرات مثل صربيا وبيرو وفيتنام وأوكرانيا وجواتيمالا, وبشكل عام يكشف هذا المسار عن أن ما يقال عن التحسين الذي يطرأ علي صورة مصر عالميا ليست سوي تهاويم وخيالات يصنعها البعض من أمثال قادة هيئة تنمية صناعة المعلومات, ثم ترتد إليهم كصدي صوت يصدقونه ويحاولون إقناع الجميع بتصديقه, أما الواقع الفعلي فهو أقرب لما يشير إليه التقرير.
ـ المسار الرابع تتبعت من خلاله موقع مصر من حيث معدل التراجع الذي حدث لمكانتها في إطار قائمة التراجعات العامة داخل التقرير, وهنا وجدت أن أوضاع مصر في هذه النقطة عام2004 كانت جيدة إلي حد كبير, حيث كان معدل التراجع يقف عند-6, ولذلك جاءت مصر في المرتبة رقم27 من حيث معدل التراجع, بل كان معدل التراجع لديها أقل من اليابان التي سجلت معدل تراجع قدره-8 وأكثر قليلا من الإمارات التي سجلت معدل تراجع قدره-5, لكن في عام2006 أصبح الوضع غاية في السوء حيث دخلت مصر ضمن أكبر10 دول سجلت تراجعا علي مستوي العالم واحتلت المركز الثالث في القائمة بدلا من المركز27 عام2004 لأن معدل تراجعها بلغ-14, وهو معدل لم يسبقها فيه سوي أوغندا وباكستان وتساوت معها موزمبيق والكاميرون, وهكذا بعد أن كان معدل التراجع يضعها عام2004 بجوار دول كاليابان والإمارات والبرازيل ورومانيا, أصبحت في عام2006 بجوار موزمبيق والكاميرون.
ـ المسار الخامس حاولت من خلاله التعرف علي الدول التي قفزت إلي المراتب التي تخلت عنها مصر والدول التي أخذت مصر مكانتها بعدما تراجعت للوراء, وقد وجدت في هذا المسار أن رومانيا استطاعت إزاحة مصر عن موقعها الذي كانت تحتله في عام2004 وأصبحت هي صاحبة المرتبة رقم57 عام2005, وتكرر السيناريو نفسه بعد ذلك, حيث استطاعت الأرجنتين إزاحة مصر عن موقعها الذي كانـت تحتلـه عام2005 وأصبحـت هي صاحبـة المرتبـة رقم63 عـام2006, وفي المقابل نجد إن مصر في عام2005 حلت محل باكستان التي ازداد موقفها تدهورا, كما حلت محل المغرب في عام2006 وأخذت مرتبتها رقم77 بعدما استطاعت المغرب تحسين أوضاعها والقفز لمرتبة أكثر تقدما, وهذا يعني ببساطة أن مصر خسرت مواقعها خلال هذه الفترة أمام كل من رومانيا والأرجنتين والمغرب.
تدلنا الأرقام السابقة علي أن الفترة من2004 إلي2006 هي بشكل عام فترة تراجع وتدهور مهين لمكانة مصر بالتقرير, وهي نفسها الفترة التي تقلدت فيها الحكومة الحالية زمام المسئولية ورفعت فيها شعار التحول لمجتمع المعلومات واستخدام تكنولوجيا المعلومات في التنمية. يبقي القول أن مجمل ما جاء بالتقرير يشكل صدمة لكل متابع وغيور علي مستقبل البلاد, صدمة تدفع للذهن بعشرات الأسئلة وعلامات الاستفهام: فهل يا تري نحن ننفق ونبذل جهدا أقل مما يجب, أم أننا نعمل وفق خطط رديئة عاجزة عن ملاحقة الآخرين أم نسير في الاتجاه الخطأ؟ وما حقيقة الضجيج المستمر حول إنجازات هذا القطاع وملياراته: هل هو غثاء سيل لا قيمة له ولا وزن لدي من يدرسون ويحللون أوضاعنا حول العالم أم ماذا يجري بالضبط؟.. في كل الأحوال نحن أمام صدمة تفرض أن يقدم مسئولو هذا القطاع تفسيرا واضحا للتقهقر المريع لمكانة مصر علي هذا النحو.
جمال محمد غيطاس، الأهرام – 3/4/2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق