الإنترنت اندمجت مع الإنسان في كيان واحد
علم الويب يدرس تأثيراتها المتداخلة
علم الويب يدرس تأثيراتها المتداخلة
يرغب تيم بيرنيرـ لي مخترع الشبكة العنكبوتية العالمية (الإنترنت) في أن يضعها تحت المجهر، ليرى كيف أنها غيرت سلوكنا. وقد طرح في حوار مع مجلة «نيو ساينتست» العلمية البريطانية، تصوراته في هذا المجال. ويدرس العالم الفيزياء في جامعة أوكسفورد. وكان قد اقترح أثناء عمله في مختبر الفيزياء الجزيئية في مشروع «سيرن» في سويسرا عام 1989، مشروعا للنصوص النشطة (هايبرتيكست) الذي تحول إلى شبكة الإنترنت العالمية.
* لماذا قررت أن تضع الإنترنت ذاتها قيد التمحيص العلمي؟
ـ علم الويب (أو الإنترنت) هو علم ناشئ فعلا، إذ يقوم الباحثون بدراسة تأثير الشبكة على مجمل القواعد والأنظمة في العلوم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والقانونية. وترمي مبادرة الأبحاث العلمية الخاصة بالشبكة التي أطرحها، إلى جمعها معا في علم واحد. وإن كانت هناك مسائل تتعلق بالشبكة أخذت تلتقي معا وتبرز سويا، كمسألة الخصوصية والأمن التي لا مجال للحديث عنها هنا، فإن أحدا لم يفكر حتى الآن في النظر إلى كيفية اندماج الناس مع الشبكة ككيان واحد.
* مزايا عظيمة
* ماذا تأمل أن تحقق بمبادرة البحث العلمي الخاصة بالشبكة؟
ـ الشبكة اليوم منظومة واسعة من الأشخاص والتقنيات الموصولة بعضها ببعض، وعلينا أن ندرسها كعنصر واحد. وهي توصل الناس بعضهم ببعض كلما ابتكروا الوصلات النشطة وتابعوها إلى درجة وصلت إلى خصائص وميزات معقدة جدا لم يتوقعها أحد. وهناك حاليا نحو 10 قوة 11 (100 مليار) من الصفحات عليها، كما أن هناك أيضا عددا مساويا لها من الخلايا العصبية في الدماغ البشري. والدماغ شيء معقد لا نفهمه، ولكننا نعول عليه. والشبكة أمر معقد أيضا على الرغم من أننا قمنا بتشييدها، ولكننا لا نملك معطيات ومعلومات حقيقية عن مدى توازن المنظومات المنبثقة عنها، التي تم استخلاصها وجمعها.
* كيف يؤثر فهم واستيعاب هذه المنظومات التي برزت، على المجتمع؟
ـ إذا تمكنا من تقويم هذه المنظومات وإصلاحها، يمكننا تأسيس ظاهرة اجتماعية جديدة تغير أسلوب عمل الإنسان. مثلا، لنأخذ تصميم سوق على الإنترنت خاص بالبضائع القديمة، أو المستعملة. فإذا ما أخطأنا في إيجاد توازن موقع الشبكة بين الجانب الاجتماعي والفني، أو أخطأنا في نموذجه على صعيد الثقة به وصيته وشهرته، فإن المشروع يفشل. ولكننا إذا نجحنا فيه فإنك توجد سوقا عالمية للبضاعة المستخدمة والقديمة التي من شأنها أن تؤثر على سعر المنتجات حول العالم، نظرا لأنها تقدم أسعارا بديلة من هذه البضاعة المستعملة. إنها ظاهرة في الإنترنت غيرت أسلوب عمل المجتمع، وبالتالي فنحن بحاجة إلى العلم لكي نفهم ونستوعب ذلك.
* علم الويب
* ألا يمكن دراسة ذلك بشكل أفضل في حقل راسخ بشكل جيد هو التفاعل بين الكومبيوتر والإنسان؟
ـ جزء من هذا الحقل يعنى ببعض هذه المسائل، ولكن هذا ليس فقط في ما يتعلق بكيفية تقديم المعلومات عبر واجهة تفاعل وسطح مكتب على الكومبيوتر. إن علم الشبكات يبحث عن مشهد أوسع على مستوى المنظومات. نحن بحاجة إلى تخصيب متبادل بين القواعد والسلوكيات المختلفة.
* هل سيقوم علم الإنترنت بتحسين الأمن عليها؟
ـ لا يوجد جواب من كلمة واحدة بخصوص الأمن. فمسألة الأمن تطال جميع الأمور، فهناك احتمالات لحصول هجمات على كل شيء. وبعض المشاكل الأمنية تتعلق بمنظومات معقدة في الشبكات الاجتماعية. ومثال على ذلك فإن الصيد الاحتيالي هو عبارة عن اتصال غير مناسب، خاص بالثقة بين الإنسان والإنسان، الذي يجعل الناس تعتقد أنها تتحدث إلى أحد المصارف، في حين أن الأمر غير ذلك، وإنما يبدو الأمر كما لو أنه مصرف.
* هل يساعد الأمر لو أن الناس تثق بمواقع الإنترنت؟
ـ نعم، فيما يتعلق ببعض الجوانب. ففي السابق لم يكن الترميز موجودا، لكننا اليوم نملك بروتوكولات مرمزة لضمان سلامة الاتصالات عبر الإنترنت. وكان القليل من الناس يتوقع الصيد الاحتيالي، لكن اليوم نحن في موقع أفضل بكثير في درئها عن طريق المتصفحات التي تحذرنا من الأخطاء المعروفة المشهود لها. ومن شأن علم الإنترنت أن يساعد في مسائل مثل الأمن عن طريق تمييز المشاكل الميكروسكوبية الصغيرة وربطها بالمشاكل الكبيرة.
* اختراعك أتاح لمواقع مجهولة مثل «ويكيليكس» Wikileaks التي تطلق الإنذارات والتحذيرات. فهل سيقوم علم الشبكة بالمحافظة على كتمان هوية هذه المواقع التي تتخذ موقفا كهذا والحفاظ على مجهوليتها ؟
ـ إطلاق التحذيرات والإنذارات مثال على عمليات الاستخبارات الجماعية التي تتم في الشبكة، وعلم الشبكة بحاجة إلى دراستها، لكن من الصعب جدا توفير الحماية الكاملة للعمليات مجهولة الهوية هذه. وبصراحة فإنه من المخيف جدا ممارسة مثل هذه اللعبة. فالبيانات والمعلومات المجهولة عن الأشخاص خادعة، لا بل خطيرة، نظرا إلى أن كل مزيد من مجموعات البيانات التي تقارن مجموعة بيانات بها، تكون أنت أقرب احتمالا إلى التعرف على الأشخاص الموجودين بها.
الشرق الأوسط ، 30/6/2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق