عام الصين
احتفلت الصين بعامها الستين، دولة على الطريق إلى مقدمة الصف الأول بين الأمم. أمضت ثلاثين عاما في ظل ماو تسي تونغ و«الثورة الثقافية» وإبادة «الأعداء الموضوعيين». وأما الثلاثون الأخيرة فقد بدأت مع دنغ كسياو بنغ الذي تقبل، بكل بساطة، أنه ليس إلها وأنه لا يمكنه أن يختصر، منفردا، مليار صيني. وكان العالم لا يعرف أحدا سوى التشرمان ماو، فأصبحنا لا يعرف أحد منا من هو رئيس وزراء الصين ولا من هو وزير دفاعه ولا من هو وزير خارجيته.
كل ما نعرف ـ دون أن نفهم ـ أن الصين تحولت في ثلاثين عاما من بيوت بسيطة إلى ألف مانهاتن. ومن دولة تسمح ببذلة واحدة وطفل واحد للعائلة ودراجة هوائية، إلى بلد تفلس فيه «جنرال موتورز» في أميركا وتزدهر فقط في الصين. ومن بلد يهاجر أهله إلى أنحاء العالم طلبا للعمل إلى بلد يستقبل العمال والتجار والخبراء من أنحاء الأرض.
كان الغربيون يعاملون «الجنس الأصفر» على أنه عرق متخلف في تكوينه، غير قادر على التطور. والنسبة الأكبر من المتفوقين المبهرين في جامعات أميركا اليوم من ذلك العرق «الأصفر». وذلك العرق الذي ذهب الرجل الأبيض يستعمره ويطوعه ويغرقه في الأفيون يتحول الآن إلى اقتصادات مزدهرة في إندونيسيا وفيتنام ومنغوليا والصين وكوريا الجنوبية، ولا يزال نائما فقط في شمال كوريا، حيث يجوع ويرفع راية التهديد النووية في وجه اليابان، أنجح دول الأرض وأكثرها كدا واجتهادا وبحثا وعلما.
إنها الكرة تنقلب. لقد بدأ العصر الآسيوي بلا أي شك، في الوقت الذي يتراجع فيه العصر الغربي. أذهلني أن 80% من «آي بي إم» رمز التقدم العلمي، يصنَّع الآن في مدن فقيرة في آسيا. وقبل سنوات قليلة فقط كان مهندس الكمبيوتر الهندي يتقاضى نصف راتب زميله من أي جنسية. وهو الآن يتقاضى ضعف راتب زميله من أي جنسية. وقد عاشت الهند عقودا طويلة على سيارة «أوستن» منقولة عن نموذج بريطاني من الأربعينات، وهي الآن التي تجعل من سيارة «جاغوار» سيارة منافسة للمهارة اليابانية والعراقة الألمانية.
أصحبت الصين على خريطة التقدم بدل خريطة التناسل عندما تحولت من مشروع جماهيري مصفق إلى مشروع جماعي منتج. ومن رجل واحد هو الفكر والعلم والشعر والإلهام إلى شعب حر يفكر ويكتب ويبدع ويتقدم الشعوب.
سمير عطا الله، الشرق الأوسط، 4/10/2009
احتفلت الصين بعامها الستين، دولة على الطريق إلى مقدمة الصف الأول بين الأمم. أمضت ثلاثين عاما في ظل ماو تسي تونغ و«الثورة الثقافية» وإبادة «الأعداء الموضوعيين». وأما الثلاثون الأخيرة فقد بدأت مع دنغ كسياو بنغ الذي تقبل، بكل بساطة، أنه ليس إلها وأنه لا يمكنه أن يختصر، منفردا، مليار صيني. وكان العالم لا يعرف أحدا سوى التشرمان ماو، فأصبحنا لا يعرف أحد منا من هو رئيس وزراء الصين ولا من هو وزير دفاعه ولا من هو وزير خارجيته.
كل ما نعرف ـ دون أن نفهم ـ أن الصين تحولت في ثلاثين عاما من بيوت بسيطة إلى ألف مانهاتن. ومن دولة تسمح ببذلة واحدة وطفل واحد للعائلة ودراجة هوائية، إلى بلد تفلس فيه «جنرال موتورز» في أميركا وتزدهر فقط في الصين. ومن بلد يهاجر أهله إلى أنحاء العالم طلبا للعمل إلى بلد يستقبل العمال والتجار والخبراء من أنحاء الأرض.
كان الغربيون يعاملون «الجنس الأصفر» على أنه عرق متخلف في تكوينه، غير قادر على التطور. والنسبة الأكبر من المتفوقين المبهرين في جامعات أميركا اليوم من ذلك العرق «الأصفر». وذلك العرق الذي ذهب الرجل الأبيض يستعمره ويطوعه ويغرقه في الأفيون يتحول الآن إلى اقتصادات مزدهرة في إندونيسيا وفيتنام ومنغوليا والصين وكوريا الجنوبية، ولا يزال نائما فقط في شمال كوريا، حيث يجوع ويرفع راية التهديد النووية في وجه اليابان، أنجح دول الأرض وأكثرها كدا واجتهادا وبحثا وعلما.
إنها الكرة تنقلب. لقد بدأ العصر الآسيوي بلا أي شك، في الوقت الذي يتراجع فيه العصر الغربي. أذهلني أن 80% من «آي بي إم» رمز التقدم العلمي، يصنَّع الآن في مدن فقيرة في آسيا. وقبل سنوات قليلة فقط كان مهندس الكمبيوتر الهندي يتقاضى نصف راتب زميله من أي جنسية. وهو الآن يتقاضى ضعف راتب زميله من أي جنسية. وقد عاشت الهند عقودا طويلة على سيارة «أوستن» منقولة عن نموذج بريطاني من الأربعينات، وهي الآن التي تجعل من سيارة «جاغوار» سيارة منافسة للمهارة اليابانية والعراقة الألمانية.
أصحبت الصين على خريطة التقدم بدل خريطة التناسل عندما تحولت من مشروع جماهيري مصفق إلى مشروع جماعي منتج. ومن رجل واحد هو الفكر والعلم والشعر والإلهام إلى شعب حر يفكر ويكتب ويبدع ويتقدم الشعوب.
سمير عطا الله، الشرق الأوسط، 4/10/2009
هناك تعليقان (٢):
من المهم فعلاً أن يطّلع الجميع على ثقافة أهل الصين وتاريخهم وإنجازاتهم، بالإضافة إلى علاقات الصين بالدول الأخرى. إن العدد الحالي من مجلة China Quarterly العلمية مخصص لبحث العلاقات بين الصين وأفريقيا. وأقدم لكم تلخيصاً لإحدى مقالات هذا العدد.
الصين بلد عظرم و شعب متفتح و جاد فى عمله .. شكرا على المقاله الجميله
إرسال تعليق