١٠ أبريل ٢٠١١

مطالبات بإقصاء مدير مكتبة الإسكندرية

مطالبات بإقصاء مدير مكتبة الإسكندرية

تظاهر اليوم السبت عدد كبير من العاملين بمكتبة الإسكندرية بساحة المكتبة احتجاجاً على سياسات د. إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة التى وصفوها بـ "القمعية" وذلك أثناء انعقاد الاجتماع الأول لمجلس أمناء المكتبة بعد ثورة 25 يناير برئاسة د.عبد العزيز حجازى خلفاً عن سوزان ثابت حرم الرئيس السابق حسنى مبارك التى كانت تشغل نفس المنصب فى حضور أعضاء المجلس من مختلف دول العالم.

وطالب المحتجون بإقصاء سراج الدين الذن وصفوه بـ"ظل الهانم" فى المكتبة كما طالبوا بفصل الدكتور سعيد الدقاق للمكتبة أمين الحزب الوطنى بالإسكندرية والذى يعمل مستشارا قانونيا للمكتبة كحق أصيل لنجاح الثورة بالتصدى لفلول النظام السابق.

وردد المتظاهرون هتافات تقول "ارحل يا سراج" و"ضحكوا علينا وقالوا تغير" و"الحقنا يا مشير من ظلم كتير" و"مكتبتنا المنهوبة " و"اتسرقنا ..اتسرقنا مش حنسكت لو بموتنا".

كما رفعوا لافتات احتجاجية تقول "المكتبة تكية بلا صاحب .. نريد مديراً وطنياً " و"العدل والمساواة فى الرواتب" و"تثبيت العاملين فى المكتبة " و"أمن الدولة والحزب الوطنى يحددان القرارات حتى بعد الثورة".

ومن جانبها قالت أمانى عبد اللطيف موظفة بالمكتبة لـ "بوابة الوفد" فى يوليو2007 أصدر مدير المكتبة قرارا تعسفيا بنقلنا الى ديوان المحافظة ولكن فى فبراير 2011 وافق اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية السابق على نقلنا للمكتبة قبل ما يترك منصبه بعد استيفاء كافة الإجراءات القانونية من لجنة شئون العاملين بالمحافظة والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة ولكن الدكتور سراج تعنت و أصر على عدم تنفيذ قرار عودتنا على الرغم من اننا بنحصل على رواتبنا حتى الآن من المكتبة دون أن نقوم بأى عمل.

وأضاف أسامه جاد موظف بالمكتبة أن سراج الدين منعه وزملاءه من دخول المكتبة منذ أسبوع لافتاً بقوله "كل يوم بنعملوا للدكتور سراج محضر فى القسم لإثبات الحضور حتى لا نفاجأ بفصلنا بدعوى تغيبنا من العمل".

فى المقابل تصدى موظفو المكتبة المحتجين لعدد من البلطجية من خارج المكتبة حاولوا أن يندسوا أثناء تظاهرهم لإثارة الشغب والهتاف ضد بعض قيادات الجيش وذلك بمنعهم من الوقوف معهم وتسليمهم الى قيادات الجيش و الشرطة الموجودين ثم قاموا بعمل كردون بشرى بأجسامهم بالوقوف جنباً الى جنب لحماية المكتبة مرددين هتافات " وقفتنا حضارية والمحاكمة للعصابة اللى حاكمة والجيش والشعب والشرطة إيد واحدة".

الوفد ، السبت 9/4/2011


وهذا هو ما طالبنا به منذ أكثر من شهر على هذه المدونة: رحيل مدير مكتبة الأسكندرية

http://arab-librarians.blogspot.com/2011/03/blog-post_3978.html

٦ أبريل ٢٠١١

ميادين فجرت الثورة

ميادين فجرت الثورة


"ثورة ميادين وشعوب".. هكذا يمكن توصيف الثورات والانتفاضات الشعبية التي تشهدها عدة بلدان عربية حاليا، وكللت اثنتان منها بالنجاح في كل من تونس ومصر. وكان لافتا ارتباط الحشد الجماهيري في هذه الثورات بيوم «الجمعة» تحديدا، لتصعيد حالات الغضب والمطالب الجماهيرية بإسقاط النظام في مظاهرات مليونية شهدتها بعض هذه الدول، وأصبح هذا اليوم شعارا وراية ورمزا للثوار، واكتسب عددا من المسميات الثورية مثل «جمعة الغضب»، «جمعة الرحيل»، «جمعة الصمود»، «جمعة الانتصار». مما دعا نشطاء على «فيس بوك» إلى التندر والفكاهة، مشيرين إلى أن الكثير من الحكام العرب يفكرون في إلغاء يوم الجمعة من أجندة الأسبوع، أو تغييره باسم آخر، أو جعل أيام الأسبوع ستة أيام فقط! في تونس تم إشعال أول فتيل هذه الثورات من ساحة بلدة «سيدي بوزيد»، مسقط رأس الشاب البوعزيزي أول من أشعل النار في نفسه، احتجاجا على إهانة الشرطة له واستيلائها على بضاعته في أحد شوارع السوق بالمدينة. فجرت صرخة البوعزيزي، الشاب الجامعي، ووفاته بالمستشفى متأثرا بجراحه حالة من الغضب والرفض لكل أشكال القمع والفساد الذي ينهش الفقراء، ليصبح أول بطل عربي قال «لا» في وجه حاكم ديكتاتور حكم الناس بالحديد والنار. ومن ساحة «سيدي بوزيد»، انطلقت المظاهرات في 18 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي 2010. وفي أقل من شهر تمكن التونسيون من إسقاط حكم الرئيس زين بن علي، وإجباره على الهرب خارج البلاد. في مصر ومع اندلاع الشرارة الأولي لثورة الشباب يوم 25 يناير تحول ميدان التحرير، أكبر ميادين العاصمة القاهرة، إلى مسرح لأحداث الثورة، وأصبح بمثابة عرس جماعي تتجدد طقوسه يوميا، بمظاهرات مليونية، تصاعدت وتيرتها على نحو طافر في أيام «الجمعة» باعتبارها عطلة رسمية، وبلغت أوجها في جمعة «الصمود» التي أطاحت بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وأجبرته على التنحي، وتفويض المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، وفي فترة قياسية لم تتجاوز 18 يوما. وفي ليبيا وصل قطار مظاهرات الميادين إلى محطة موجعة وأكثر إيلاما، تفجرت ضد نظام العقيد القذافي في 17 فبراير (شباط) الماضي، من ميدان المحكمة، الكائن أمام محكمة شمال بنغازي، لكن تعامل القذافي الأهوج مع المتظاهرين أشعل نار المظاهرات في كل مدن وميادين ليبيا، بعد أن أصدر أمرا لقوات الأمن غير مكتوب قائلا: ارموا الكلاب، أي «أطلقوا عليهم النار». ولا تزال ثورة ليبيا مشتعلة منذ ذلك اليوم، لكنها انعرجت إلى ميادين أخرى مفتوحة في الصحراء، وعلى أبواب المدن الليبية، في حرب ضروس تشنها كتائب القذافي الأمنية ضد الثوار، وتحت مظلة حظر جوي دولي قررته الأمم المتحدة، بات تباطؤه موضع شك لدى الكثير من الليبيين، حيث لا يزال المئات من القتلى والجرحى يتساقطون، وتتزايد أعدادهم كل يوم، جلهم من الشعب الليبي الأعزل. وعلى الجهة الأخرى من الخارطة العربية في قارة آسيا شهد ميدان التحرير، لكن في العاصمة اليمنية صنعاء، ميلاد ثورات ومظاهرات كثيرة لم تكف عن الغضب والاحتدام والمطالبة برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وإقامة دولة مدنية تسمح بتداول السلطة بشكل ديمقراطي في البلاد، وتردد أيضا شعار ميدان التحرير المصري «الشعب يريد إسقاط النظام». يعد ميدان التحرير اليمني من أكبر وأهم الساحات العامة في صنعاء، حيث يقع في الساحة الرئيسة بالمدينة، ويعد نقطة التقاء اثنين من المناطق الحضرية الكبرى هناك، وهو مكان تجمعات تجارية ضخمة يعج بالزائرين والمرتادين كما يعتبر إحدى مناطق الترفيه والتسوق الرئيسية، ويحتوي أيضا على ثلاثة من أكبر المتاحف، مما جعله مكانا حيويا خاصة صباح يوم الجمعة، اليوم المفضل للثورات العربية. ولم تسلم سورية من قطار الثورة، حيث اندلعت شرارة الأحداث الأخيرة، من «ميدان درعا» المحيط بالمسجد العمري، وأزال المحتجون صورة الرئيس السوري، وبدأت المظاهرات التي طالبت برحيله، ليشهد هذا الميدان أيضا خروج المنادين بالحرية والساعين إليها. كما هدموا تمثالا للرئيس السابق حافظ الأسد وسط إطلاق نيران كثيف في الميدان على آلاف المحتجين، أوقع العشرات من القتلى والجرحى. كما تظاهر العديد من المواطنين في «ميدان المسجد الأموي» بالعاصمة دمشق مرددين عبارات عديدة أشهرها «الجامع الأموي ليس الميدان يا بائع الجولان» وقد هاجمت قوات الأمن السورية بمنتهى القسوة كل الموجودين في الميدان من أطفال وطلاب المرحلة الابتدائية لمواجهة تلك المظاهرات السلمية، وتم اعتقال العشرات منهم في دمشق وفي درعا.


الشرق الأوسط ، 6/4/2011

٢ أبريل ٢٠١١

عيال "الفيس بوك"

من التاريخ القريب، وقبل يوم واحد من التنحي ، نُشرت هذه المقالة

عيال "الفيس بوك"

سادت في العقود الأخيرة نظرة عامة جامدة مفادها أن التكنولوجيا ليست سوى انعكاس زاهر للتقدم العلمي والعملي، وكان يجري تقديم ذلك التقدم بصفته أمرا مستقلا عن الحراك السياسي والاجتماعي العام، وبصفته أمرا باردا لا يقارب دواخلنا إلا في كونه أمرا تقنيا خالصا. لكن الأسابيع الأخيرة وبعد التغيير الهائل في تونس والحراك الشبابي الصارخ اليوم في مصر تغير هذا المفهوم الكلاسيكي بشأن التكنولوجيا ربما إلى الأبد.

ما كنا نعتقده نتاجا علميا محايدا بات اليوم سلاحا ذا حدين، بالنسبة للأنظمة على الأقل.

اليوم، انتقلت التكنولوجيا من كونها فرصة لتعزيز التواصل الحيادي والسلبي بين الأفراد والجماعات إلى كونها أداة تغيير خلاقة مفعمة بالمعاني والأفكار. هي ربما لا تصنع ثورة كاملة لكنها بالتأكيد توفر لها آليات الحراك والتنسيق والمعرفة.

في تونس وحدها ارتفع عدد المنتسبين إلى موقع «فيس بوك» بنسبة 8 في المائة في الأسبوعين الأولين من العام الحالي. وتقول الأرقام إن 75 في المائة من مستخدمي «فيس بوك» العرب هم ما بين الـ15 والـ29 عاما. أتاح هذا الموقع إلى جانب «تويتر» للشباب المصري أن يظهر غضبه وتذمره وينسق آليات تحركه.

في دول أخرى ليست ببعيدة من مصر، عطلت بعض الحكومات مواقع إلكترونية على نحو مؤقت تحسبا لتحركات مماثلة كتلك التي شهدتها مصر. إذن، نحن اليوم أمام مشهد جديد إنما آليات الإحاطة به لا تزال مغرقة في تقليديتها لكوننا جديدين في هذا المجال.

يبدو أن التطور التقني أتاح وصول وسائل الاتصال إلى فئات غير تقليدية وجماعات يمكن أن تستثمر في مجال التغيير السياسي. في المقابل أفسح هذا التطور المجال للأنظمة وللجهات الأمنية حصار محاولات التغيير وخنقها إذا استطاعت وهي لم تتردد في ذلك كما شهدنا ونشاهد في مصر ودول أخرى كثيرة.

في سورية، توقف «فيس بوك» يوم الاحتجاج الافتراضي الذي حدد في 5 فبراير (شباط)، بل وجرى تطويق التحرك عبر تسيير مسيرات سيارة تدعم الرئيس السوري بشار الأسد. في الأردن جرت قرصنة مواقع إلكترونية لنشرها بيانات تدعو للتحرك والتظاهر. في مصر ولولا الطلب الأميركي المباشر بوقف حجب الإنترنت لربما كان شباب ميدان التحرير معزولين عن التواصل..

قبل أيام، أطلق سراح وائل غنيم بعد أن احتجزه الأمن المصري 12 يوما أي منذ اندلاع المظاهرات. ووائل هو المدير التنفيذي لشركة «غوغل» في الشرق الأوسط وهو الذي كان يقف وراء تأسيس مجموعة «كلنا خالد سعيد» وأحد أبرز الداعين لمظاهرات 25 يناير (كانون الثاني) الماضي. يقول غنيم إن بعضا ممن حققوا معه استعمل عبارة «هو إنت من عيال فيس بوك».

وائل غنيم هو اليوم بصدد التحول إلى ممثل للشباب المحتشدين في ساحة التحرير ومفاوض عنهم، وعدد المنتسبين إلى صفحته في موقعي «تويتر» و«فيس بوك» تجاوز المائة والثلاثين ألفا.

من الواضح أن التكنولوجيا صنعت وجوه التغيير في مصر..

من هذه الوجوه من سقط ضحية في ميدان التحرير ومنهم من بقي معلنا أنه سيواصل حراكه..

ديانا مقلد ، الشرق الأوسط ، 10/2/2011

فوضى الإنترنت العارمة لم تبدأ بعد

فوضى الإنترنت العارمة لم تبدأ بعد

في أحد أهم كتبه عن تحديات الادارة في القرن الواحد والعشرين قال المفكر المشهور بيتر دراكر: "بعد عدة مئات من السنين، عندما يكتب المؤرخون عن عصرنا الحالي، على الارجح أن أهم ما سوف يلحظوه ليس التكنولوجيا ولا الانترنت ولا التجارة الالكترونية إنما التغير الجذري والغير مسبوق في السلوك الانساني، لأول مرة في تاريخ البشرية يوجد أعداد كبيرة ومتزايدة من البشر يمتلكون مجموعة واسعة من الخيارات ويقفون أمام تحدي إدارة أنفسهم بأنفسهم والمجتمعات ليست مؤهلة لذلك بعد !"

وفي يومنا هذا وبعد عدة سنوات وليس عدة مئات من السنوات كما توقع السيد دراكر نرى أنفسنا ومجتمعاتنا امام مجموعة هائلة من الخيارات السياسية والاعلامية والثقافية ولا تستطيع جهة واحدة سواءً كانت حكومة أو وسيلة إعلام او منظمة لا تستطيع لوحدها أن تقود الجمهور المتنامي الذكاء والمعرفة، ببساطة لقد بدأ ذلك الجمهور يتعرف أكثر الى خياراته المتوفرة فلا يجد نفسه مجبراً أن يستمع إلى أخبار وتقارير قناة معينة لأن الانتقال الى أخرى بالنسبة اليه هو مجرد كبسة زر ولا يجد ذلك الجمهور والمواطن العادي نفسه ملزماً بالانتماء الجغرافي لمنظمة ما أو لوطن أو لجماعة فمن الممكن أن ينتمي الى أحد الآف المنظمات أو التجمعات أو الشبكات الالكترونية التي تحيا في الانترنت وتنشر فكرها فيها وتمارس طقوسها الخاصة عبر طيفها وتعطي لمنتسبيها الشعور بالانتماء ويقابلونها بالولاء حتى أضحت في كثير من الاحيان قوة الولاء للوطن الافتراضي أقوى من قوة الولاء للوطن الجغرافي. وما زالت تلك التوجهات البشرية في مقتبل عمرها خصوصاً وأن جيل الشباب اليوم قد تعلم أدوات وتقنيات الانترنت في مرحلة متقدمة من عمره بينما سوف يولد الجيل القادم بين الشبكات الالكترونية الاجتماعية وسوف يبني علاقاته الالكترونية منذ نعومة أظفاره.

لقد سمعنا مراراً أن الذي حصل من ثورات عربية كان يحركه الفايسبوك والتويتر وغيرها من الادوات ولكن الواقع أن الذي حرك تلك الثورات في البداية هي مجموعة الخيارات الثقافية والاعلامية والعقائدية التي تمتع بها أولئك الشباب الثائر في مختلف الدول العربية والتي لم تستطع حكوماتهم في ثورة الانترنت والاتصالات والفضائيات أن تجد لها مكاناً نظراً للبيروقراطية القاتلة التي تتمتع بها، فكانت الحكومات ما تزال تعتقد أن أجهزة إعلامها وقنواتها التلفزيونية وصحفها تؤثر في الجمهور بينما كان ذلك الجمهور ينتقل ببساطة وسلاسة الى مصادر أخرى للمعلومات بل أكثر من ذلك لقد أصبح ذلك الجمهور في كثير من الاحيان هو مصدر المعلومات يصنعها بنفسه وينشرها عبر شبكاته الالكترونية الاجتماعية بطريقة فيروسية تتفشى بين الافراد بسرعة البرق يتفاعلون معها ويضيفون اليها ثم ينقلونها بدورهم الى شبكات أخرى.

لم تدرك الحكومات أنها على الانترنت ليست قوية كما تعتقد ولا تساعدها الترسانات العسكرية التقليدية ووسائل القمع المستوردة من الدول الغربية بل هي ضعيفة أمام ترسانة العقل البشري وآلاف النشطاء الذين يعرفون كيف يشنون الحرب الالكترونية والمعلوماتية على حكوماتهم وينتقلون من مرحلة الانترنت من أجل تلقي الخبر أو المعلومة الى مرحلة صنع الخبر والمعلومة وفي النهاية الى مرحلة الانترنت التنظيم التي تدار عبرها التجمعات والتظاهرات وتطلق من خلالها الشعارات. وكيف تستطيع أية حكومة أن تحارب تنظيماً افتراضياً ينتشر افراده عبر دول العالم ومن الممكن أن يقود حركة تجمع شعبية فعلية على الارض !

تبدل موازين القوى الاعلامية

على صعيد آخر، لقد أضحى الاعلام الالكتروني من وجهة نظر غير تقنية إعلام الشعوب والناس حيث احدثت الانترنت ووسائل الاتصالات الحديثة اختراقاً على مستوى توفر البث والنشر بطريقة رخيصة جدا مما أدى الى انتقال جزء كبير من القوة الاعلامية من أيدي المؤسسات العملاقة الى ايدي المدونين ونشطاء الانترنت.

وبدانا نشهد تحولاً جذرياً من مفهوم الاعلام المؤثر بصورة مطلقة بالجمهور والمتحكم بالمحتوى الاعلامي بطريقة مركزية الى الاعلام الذي يتأثر بالجمهور وينقل عنه وينتظر مشاركاته وتعليقاته وآراءه والذي حدث مؤخراً في جورجيا وايران وتونس ومصر ويحدث الآن في ليبيا هو أكبر دليل على ذلك حيث تعتمد كبرى المؤسسات الاعلامية مثل الجزيرة والعربية ووكالات الأنباء العالمية على مشاركات المدونين والصور الفوتوغرافية والفيديو الملتقط عبر كاميرات الخليوي بالرغم من عدم احترافية المصور ووجودة الفيديو في كثير من الاحيان.

وتلعب الشبكات الاجتماعية الالكترونية ومواقع التدوين الالكتروني والبث الفيديوي المجاني على الانترنت دوراً مركزياً في دعم مفاهيم وآليات الاعلام الالكتروني حيث تؤمن تلك الأدوات للمواطن والمؤسسات على حد سواء إمكانيات هائلة في التواصل والاتصال بين الافراد ومجموعات الافراد اذا تم استغلالها بالطريقة المناسبة فإنها تؤدي الى بالتأكيد إلى التأثير بطريقة حقيقية في الرأي العام.

ويتميز الاعلام الالكتروني عن الاعلام التقليدي بميزة تشبه العدوى الفيروسية حيث تنتقل المعلومة او الخبر من فرد الى مجموعته في الشبكة الالكترونية ومن أفراد الشبكة الالكترونية الواحدة الى شبكات الكترونية متعددة وصولاً الى فئات ومجموعات خارجية تشترك مع غيرها في نظرتها للأمور. إننا بكل بساطة نعيش عالمية الإعلام حيث من الممكن ان يتأثر الجمهور الغربي بفكرة عربية أو الجمهور العربية بأفكار وأحداث غربية ويتبع ذلك التعاطف والدعم وما الى ذلك.

المحتوى والمعلومات أولاً

صحيح أن الاعلام الالكتروني يعتمد على الادوات الالكترونية من قبيل مواقع الانترنت والشبكات والهواتف ووسائل الاتصال الحديثة ولكن الذي يأتي في المقام الأول هو المحتوى ومن هنا نفهم كيف ان مواقعاً مثل تويتر ويوتيوب نجحت بطريقة مذهلة حيث اعتمدت على المحتوى الاعلامي والاخباري المنتج من قبل ملايين من الناس حول العالم وباللغات المحلية والاجنبية. لقد أصبح المواطن العادي الذي يستخدم الانترنت لنشر خبر عن تطورات أمنية أو تجمع او مظاهرة أو بث مقاطع الفيديو المنتجة بطريقة رخيصة جدا الشريك الاساسي لنجاحات تلك المؤسسات الاعلامية الالكترونية العملاقة ويتميز الاعلام الشعبي الالكتروني بأنه يخاطب الناس بالوقائع من دون الاضافات والتحليلات والاستنتاجات ولذلك انتشر وتغلغل عبر ملايين البشر. إذن المحتوى الاعلامي والصورة والفيديو كانا عامل النجاح في الاعلام التقليدي وما زالا عامل النجاح في الاعلام الالكتروني مع فارق أن الاعلام الالكتروني يؤمن وسائل وأدوات إنتاج للمحتوى مجانية ومتوفرة وسهلة الاستخدام وهو ما ادى الى انفجار معلوماتي حيث نرى أن الفيديو المنشور على يوتيوب يحتاج الى ما يقارب 1700 سنة من أجل مشاهدته ويتم تحميل 24 ساعة من الفيديو على الموقع كل دقيقة. أما موقع تويتر الذي يتم استخدامه من أجل بث الاخبار والتطورات القصيرة جدا (140 حرف) فقط أعلن عام 2010 عن تجاوز عدد مستخدميه 110 مليون مستخدم حول العالم.

مناعة الاعلام الالكتروني

لقد برهنت التطورات التي تجري مؤخراً في مصر أن الاعلام الالكتروني أكثر مناعةً ضد الاغلاق والإسكات من الاعلام التقليدي حيث تم إغلاق بث قناة الجزيرة على سبيل المثال في عدد من الاقمار الصناعية بقرارات سياسية مما أدى حسب تصريح رسمي لموقع الجزيرة نت بتاريخ 4 فبراير 2011 الى قفزة غير مسبوقة مطلقاً في عدد زاور الموقع الذين زادوا بما يقارب 2500 % عن عدد الزوار قبل أحداث مصر مما دفع موقع الجزيرة صعوداً في ترتيب شركة اليكسا العالمية الى المرتبة 584 على مستوى المواقع الأكثر شهرة في العالم.

وصحيح أن الاجهزة الحكومية في مصر بدأت بمحاربة الاعلام الالكتروني عبر إغلاق مواقع الشبكات الاجتماعية وموقع تويتر ولكن المدونين كانوا قد تعلموا الدروس من تجربة ايران وتونس فعمدوا الى مواقع البروكسي من أجل الولوج بطريقة خفية الى فايسبوك وتويتر مما دفع بالحكومة مباشرة الى اغلاق خدمة الانترنت بالكامل على الاراضي المصرية ما عدا بعض وسائل إعلام الحكومة. وبالرغم من ذلك لم تستطع الحكومة محاربة الاعلام الالكتروني فقد أمنت شركة غوغل العملاقة بالتعاون مع تويتر خدمة حديثة جدا وهي الاتصال على أرقام هواتف عادية والحديث عن تطورات المظاهرات ثم يقوم النظام الآلي بتحويل تلك المكالمات الى نصوص يتم بثها أوتوماتيكياً على موقع تويتر.

لا شك أن يوجد العديد من الجهات تحاول إيجاد الطرق المناسبة للتعامل مع الاعلام الالكتروني ووقفه أثناء الازمات ولكن في الوقت نفسه هناك العديد من الجهات أيضاً تعمل على تأمين مناعة قصوى لأدوات ووسائل ذلك الاعلام وتطويره وجعله منيعاً ضد الاختراق أو الايقاف وعلينا نحن الشعوب العربية التمكن من تلك الادوات واستخدامها لصالحنا.

الانترنت الى الفوضى؟

من حسنات الانترنت وشبكاتها الاجتماعية أنها شجعت الكثير من الشباب العربي على التواصل وطرح افكارهم من دون رقيب ووصلت الى تحرير العديد من الشعوب العربية من الطغيان ولكن أين سوف تتوقف الانترنت عن التحريك؟ وبالرغم من انني من دعاة الانترنت والذين كتبوا عنها الكثير وبالرغم من كل الايجابيات التي حدثت وتحدث الان عبر وسائل الاتصال نحن لا نضمن أن لا تستمر الانترنت بتحريك الآف المجموعات الشبابية حتى بعد انتصار ثوراتهم المشروعة، لا بد من الوقوف مطولاً أمام القوة التنظيمية للإنترنت وشبكاتها الالكترونية ودراسة الآثار المتوقعة للفوضى العارمة التي من الممكن أن تقع في السنوات المقبلة عندما يتمكن معظم الناس من القوة المعلوماتية ويتدربون على أدواتها ويتسلحون بقوة الخيارات المتاحة أمامهم. من الذي ينظم الجماعات على الانترنت وما هي القوانين الاخلاقية التي تحكم تلك الجماعات حتى لا نصل الى فوضى في الولاء وفوضى في التعبير وفوضى في التجمعات ! الجواب على ذلك نجده عند تلك الجماعات الافتراضية التي يجب أن تسن لنفسها القوانين الافتراضية والتي تحفظ المجتمعات وتحميها من الانزلاق الى الفوضى المعلوماتية العارمة.

عباس بدران، موقع الحكومة الإلكترونية (بيروت)، 21/3/2011

غريب في الإنترنت !

غريب في الإنترنت


كما أن للانترنت فوائده العظيمة فإن له مخاطره الشديدة التي يمكن أن تخدع بعض الناس خاصة في بداية سن المراهقة حيث غالبا ما يفضل المراهقون الاستقلال بحياتهم الخاصة بعيدا عن أسرهم، والبحث عن وسائل أخرى تضمن لهم الاستقلالية والحرية، ليبدأوا في الغوص في عالم الانترنت بهدف تكوين شبكات اتصال أخرى وعلاقات جديدة مع أصدقاء مختلفين عن عالمهم.
وبما أن الانترنت سلاح ذو حدين، باعتباره من طرق التواصل الاجتماعي عبر استخدامه في عمليات البحث عن المعلومات والدردشة مع الأصدقاء أو حتى استخدامه في الترفيه مثل تحميل الأغاني والموسيقي و مشاهدة الأفلام، قد يسبب مشاكل لانهائية يمكن أن تواجهك من قبل أشخاص عديمي الأخلاق.

ومن منطلق إيماننا الكامل بأهمية استخدامك للانترنت، نقدم بعض نصائح الأمان التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند جلوسك على الانترنت:
مبدئيا، عليك الإدراك جيدا أن عالم الانترنت عالم افترضي، لذلك لا تمنح ثقتك لأي شخص حتى لو كانت بياناته الشخصية مطمئنة.

كن حذرا:
-
الاحتفاظ بهويتك سرا من الأفكار الجيدة في غرف الدردشة العامة، مع تجنب كتابة أي معلومات شخصية عن نفسك خاصة إذا كنت من محبي الدردشة على نطاق واسع، وتتبادل أطراف الحديث مع أشخاص غرباء عنك.
-
يفضل دوما اختيار معلومات مستعارة عن نفسك، فابتعد عن الافصاح عن اسمك الحقيقي أو سنك أو نوع جنسك أو مكان سكنك.
-
لا تعطي بريدك الالكتروني الشخصي أو رقم هاتفك الخلوي أو عنوانك لأي شخص لست على معرفة حقيقية به.
-
تجنب تماما الاندماج في الحديث عن أشخاص آخرين غير متواجدين معك في الغرفة، حتى لا تقع فريسة سهلة نتيجة خطأ عدم تأكدك من هوية الطرف الآخر المتحدث معك.
-
ومن بديهيات استخدام الانترنت، عدم إرسال صور شخصية لأي شخص لا تعرفه بشكل شخصي.
-
تبادلك الحديث مع شخص غريب على الانترنت، يمكن أن يدفعك لتحديد موعد لمقابلته على أرض الواقع لمزيد من التعارف، فلا تتسرع وتذهب بمفردك لمقابلته.
-
لا تدع فضولك يدفعك لوضع كاميرا الكمبيوتر، للتحدث مع الآخرين صوتا وصورة خاصة إذا كانوا غرباء.
-
لا تتردد في إنهاء محادثتك مع الشخص الذي يجعلك تكتئب أو تنفعل، فالمسألة لا تحتاج للضغط النفسي.

التسوق الذكي:
يعتبر الانترنت سوقاً كبيرة تجد فيها كل ما ترغب في شرائه حيث يلجأ كثير منا إلى التسوق عبره لأنه يعطيك فرصة جيدة لحرية الاختيار، ولكن هل تعلم أن التسوق عبر الانترنت من أكثر الطرق التي تعرضك لفقدان خصوصيتك؟، وذلك من خلال كشف حساباتك البنكية أو رصيدك في كروت الائتمان.
وحتى تتجنب أساليب الخداع التجاري عبر الانترنت، إليك عدة نصائح تحميك من عمليات النصب الإلكتروني:
-
ابحث عن وجود شعار على شكل قفل صغير في الجزء السفلي من الشاشة، فهذا الرمز يؤكد لك أن الموقع آمن.
-
لا تتردد في سؤال البائع عن معلوماته الشخصية وكيفية الاتصال به في حالة وجود أي خطأ في الصفقة المتفق عليها.
-
في حالة الطوارئ، اكتب ملاحظاتك الخاصة وأرسلها إلى موقع التبادل التجاري وسياسات عودة المنتج.
-
اطبع إيصال الشراء الخاص الذي يوضح المبلغ المدفوع مقابل البضاعة، عادة ما يكون للإيصال رقم مسلسل خاص.
-
من الطرق المستخدمة للنصب على الأشخاص، إرسال رسائل إلكترونية تصلك عبر بريدك الخاص، مدعية أنها من قبل بنكك الذي تتعامل معه، طالبة إرسال تفاصيل عن حسابك المالي عبر البريد الإلكتروني، فاحذر جيدا من تلك الأساليب واعلم أن البنوك عادة ما تتصل بعملائها بشكل مباشر وبصفة رسمية.
-
لا تنخدع في الرسائل الواردة على بريدك الإلكتروني، التي تزف لك خبر فوزك بجائزة اليانصيب أو أنها جهة تجمع الملايين من قبيل التبرع للبلاد المنكوبة بسبب الحروب، فتلك الرسائل غير صحيحة بالمرة ولا يوجد أي هدف نبيل من ورائها.
-
يجب أن تضع نصب عينيك، أن حماية حسابك المالي الخاص وهويتك الشخصية من أهم الأمور التي لا يجب الإفصاح أو التفريط فيهما أبدا، ولا تنس كن يقظا حتى لا يسهل اصطيادك من قبل المستغلين.
وأخيرا، اعلم جيدا أن استخدامنا للانترنت ما هو إلا وسيلة للتواصل مع الآخرين، يمكننا الاستغناء عنه في أي وقت ترغب فيه، فلا تدع هاجس أن الانترنت ضرورة حياتية يسيطر عليك.

موقع مكتوب، 28/3/2011