الحكومة تلعب أيضاً علي الفيس بوك.. تجند رجالها ليشاركوا، وتوكل إليهم مهمة تكوين الجروبات .. كما يدخلون الأحزاب بالضبط، ليس بهدف المشاركة.. ولكن لتخريبها من الداخل، وتفجيرها عند اللزوم.. لنصل إلي نتيجة مؤداها.. لا أحزاب ولا فيس بوك.. وعملت الحكومة عقلها بعقل شباب الفيس بوك.. وأرسل الحزب الوطني رجاله إلي الصفحات، يعلقون علي كل شيء يتعلق بالتوريث.. يناقشون ويدافعون ويشتبكون أحياناً.. لا تكتفي الدولة بوسائلها الرهيبة، ولا بآلتها الإعلامية الضخمة.. وإنما نزلت تزاحم الشباب .. فتحول الفيس بوك إلي ساحة حرب.. مع أنه موقع اجتماعي يتعارف من خلاله الشباب.. فتحول إلي موقع سياسي يفوق أثره بعض الفضائيات .. وربما يقلب الدولة، كما حدث في 6 أبريل الشهير!! وأحياناً أتساءل لماذا تحول موقع اجتماعي أصلاً، إلي موقع سياسي ملتهب إلي حد التنازع والحرب.. وفي كل مرة أصل إلي نتيجة واحدة، وهي أن شباب الفيس بوك لم يجد مكانا آخر يعبر فيه عن نفسه.. بعكس الأمريكان الذين يتنفسون السياسة في كل شيء، فبحثوا عن وسيلة اجتماعية تخفف عنهم فكان الفيس بوك.. هذه هي الحكاية باختصار.. والغريب أن شبابنا عندما هرب إلي هذه الوسيلة لاحقهم رجال الحزب الوطني من جهة.. ورجال أمن الدولة من جهة أخري.. بهدف قطع الطريق عليهم.. لا صحافة.. لا إذاعة.. لا تليفزيون.. فأي شيء هذا وبماذا تسميه.. إنه الذعر من كل شيء.. وظهرت جماعات تتحدث أيضا عن التوريث وتسانده.. تؤيد وتبايع جمال مبارك.. ترفع شعار محبي وعشاق جمال مبارك.. عندما رفع آخرون شعار »البرادعي .. رئيس مصر القادم "!! وأتصور أن الفيس بوك نجح في مسألتين حتي الآن.. الأولي الدعوة لإضراب 6أبريل المعروف.. والثانية تحريك الشارع في اتجاه البحث عن بديل لانتخابات الرئاسة.. وربما كان هذا سببا لظهور أطراف حكومية.. بعضها معروف وبعضها الآخر غير معروف علي الإطلاق.. هدفه في النهاية إيجاد نوع من التوازن علي هذه الوسيلة الالكترونية.. أو بث رسالة مختلفة بهدف التخفيف تارة، والتسخيف تارة أخري.. فمثلا حين نتحدث عن »البرادعي« أو »زويل«.. يظهر طرح آخر لايتجاهل أيا منهما.. وإنما يقدم قائمة أخري يضم إليها عمرو خالد وشعبان عبد الرحيم.. والمعني الذي يتسرب إليك في هذه اللحظة، أن ما يحدث تهريج وعبث و»لعب عيال«.. وأن المسألة الرئاسية أكبر وأسمي.. فقد يكون من حقك أن تقول ماتشاء .. ولكن مسألة الحكم تبقي نقرة أخري.. وهي رسالة مقصودة!!
محمد أمين، صحيفة (الوفد)، 19/12/2009