٢٥ مارس ٢٠٠٨

تصوروا لو أن...!

تصوروا لو أن...!
فواز العلمي
تصوروا مقدار احترام شعوب الأرض لنا لو أن الدول الإسلامية والعربية أقرّت في قممها إنشاء أفضل 50 جامعة متخصصة في تقنيات النانو والطاقة الشمسية والانشطار النووي والاقتصاد المعرفي وتقنية المعلومات، وأعظم 100 مركز لأبحاث أمراض السكر والقلب والسرطان والفشل الكلوي، وأكبر من 1000 مصنع لإنتاج المياه والغذاء والدواء، وأقوى مرصد فلكي عالمي لرصد حركة مجرات الكون وتحديد مواقيت الصلاة والصيام وتواريخ الحج والأعياد. تصوروا موقف دول العالم منا لو أن القمة الإسلامية أقرّت خطة عملية لتوفير مئة مليون وظيفة للعاطلين عن العمل واعتمدت استراتيجية محكمة لتخفيض نسبة الفقر في عالمنا الإسلامي إلى حدودها الدنيا ورفع نسبة القيمة المضافة إقليميا لحدودها القصوى.
تصوروا ردة فعل دول العالم لو أن القمة العربية القادمة تفاجئنا بالإعلان عن إنشاء المفوضية التجارية العربية والأكاديمية التقنية العربية والمصنع العربي الموحد للطائرات والمركز العربي الفريد لعلوم المياه وتقنيات الطاقة والمرصد العربي المميز لأبحاث الفضاء والمعهد العربي المثالي في علوم الأرصاد واستمطار الغيوم والبيئة والتصحر والاحتباس الحراري. تصوروا نظرة الشعوب الغربية للعالم الإسلامي لو أعلنت الدول الإسلامية اكتفاءها الذاتي من القمح والأرز والذرة والشعير والألبان والأجبان واللحوم والخضار والفاكهة، وتصوروا دهشة العالم لو أعلنت مراكز الأبحاث العربية عن خططها الرامية لإصدار براءات اختراع بأعداد تفوق سنوياً أعداد "الفيديو الكليب" المنتجة شهرياً، ولو أعلن علماء الفيزياء العرب أنهم بصدد إطلاق المركبة الفضائية العربية بدلاً من تدشين الفضائيات العربية، ولو أقرّ خبراء الاقتصاد العرب استراتيجية إلغاء الفقر من قواميس التنمية المستدامة العربية، ولو أطلق رجال المال وسيدات الأعمال خططهم لمواجهة ارتفاع أسعار الغذاء والدواء واعتمدوا موقفا عربيا موحدا للتعامل مع ارتفاع سعر صرف اليورو وانخفاض سعر الدولار.تصوروا شغف الخبراء الأجانب بثقافتنا وعلومنا لو أن الدول العربية اعتمدت في قممها إنشاء أفضل المكتبات لتجميع أكبر عدد من المراجع والوثائق والمخطوطات، وأطلقت أفضل مشاريع ترجمة الكتب العالمية والمصنفات الأدبية، ووفرت أعلى مستويات الدعم لبرامج البحث العلمي والتقني، وتبنت تأسيس مشاريع الربط الكهربائي والسكك الحديدية والطرق السريعة من المحيط إلى الخليج.تصوروا كيف تتحول سلبية الدول الأوروبية إلى غضب عارم ينصبّ جامة على المسيئين لإسلامنا لو أن المسلمين في كافة أرجاء المعمورة يعاملون المرأة كما كان أشرف الأنبياء والمرسلين يعامل أم المؤمنين، وينصفون المظلومين والمحرومين كما أنصف الخلفاء الراشدون رعيتهم، ويعتمدون مبادئ الدعوة بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة كما أمرتنا به شريعتنا السمحاء.
وتصوروا لو توقفت فئات الغدر والضلال عن إرهاب الأبرياء في العراق وأفغانستان والصومال، ولو احترمت الفصائل الفلسطينية اتفاق مكة، ولو بدأ السودان في حل مشاكل دارفور، ولو اتفق اللبنانيون على انتخاب رئيس جمهوريتهم بالتراضي، لاستطعنا بدون أدنى شك أن نجتث جذور التدخل الأجنبي في شؤوننا ونطوي صفحات كيد الأعداء المحاكة ضدنا ونفشل مساعي كل من يسيء لعقيدتنا وعروبتنا ونعدّل مفاهيم شعوب العالم الخاطئة عن شهامتنا وسماحتنا.انقلاب موازين الحق والباطل لدى شعوبنا أدى إلى تمادي فئات الضلال بالعبث واللهو داخل وخارج أوطاننا محاولة إجهاض مسيرتنا، وأثلج صدور أعدائنا وأهوى بقلوب أحبائنا. ألصقت بنا تُهمة الإرهاب زوراً وبهتاناً، وديننا الحنيف كان أول من اجتث جذوره وأنزل العقاب الصارم بأصوله وفروعه. تحثنا الدول على تطبيق مبادئ حقوق الإنسان، وشريعتنا السمحاء كانت أول من أعتق الإنسان وأطلق حريته ومنحه كامل حقوقه. تؤاخَذنا شعوب الأرض على افتقاد الخير في أهدافنا وفقدان السماحة في مسلكنا وانعدام كريم المعشر في تعاملاتنا، وكتابنا المنَّزل كان أول من أعزّنا بسماحة ديننا وكرّمنا بحُسْنِ خُلق رسولنا لنتشرف بأن نكون خير أمة أخرجت للناس. تلومنا مؤسسات الفكر والإبداع العالمية على سرقتنا لحقوقها الأدبية واستهتارنا ببراءات اختراعاتها الصناعية وتمادي أسواقنا في التعدي على علاماتها الفارقة وتقليد أسمائها التجارية المسجلة، وسيرتنا العطرة أكدت على تحريم السرقة بكافة أشكالها وأنواعها وحذّرتنا من الغش والتدليس والتقليد وهددتنا بأن من غشنا فليس منا. يطالبنا علماء التربية والتعليم بتعديل مناهجنا الدراسية ورفع مستوى الفكر والمعرفة لدى أبنائنا علماً بأن آباءنا وأجدادنا من علماء العرب والمسلمين كانوا أعظم من أثرى العلم والأدب وأفضل من أرسى مبادئ الطب والهندسة وأول من اكتشف طلاسم الفلك والرياضيات والجبر والفيزياء والفلسفة لتستفيد شعوب الأرض من علوم انكسار الضوء وقوى الجاذبية وتحديد جغرافية المناخ واستشعار حركة النجوم، ليحترمنا العالم وتسير في ركابنا شعوب الأرض وترتوي من أفكارنا ثقافات الكون. نحن اليوم في أمس الحاجة لرفع قامتنا أمام العالم وتعديل صورتنا المشوهة أمام شعوب الأرض وانتشال عقيدتنا من براثن الأشرار. نحن اليوم في أمس الحاجة لخبرائنا في الاقتصاد والتجارة وعلمائنا في الطب والهندسة والطاقة والتقنية لإقناع القمم الإسلامية والعربية بأن تكتل دولنا الاقتصادي وتحالفها التجاري وشراكاتها في البحوث العلمية والتقنية هي التي تملي علينا توافقنا السياسي وليس العكس.
تصوروا لو أن الدول الغربية تعتمد على براءات الاختراع العربية في تصنيع دوائها، وتستجدي محاصيل الغذاء المنتج في الدول الإسلامية لإطعام شعوبها، وتنتظر موديلات السيارات العربية الجديدة للوقوف في طوابير حصد العمولة من أثرياء عملائها. احترام الغرب لمبادئنا وحقوقنا لا يتحقق برفع الشعارات وترويع الأبرياء وافتراش الشوارع وارتياد الساحات.
الوطن (السعودية) ، 25/3/2008

ليست هناك تعليقات: