ويكيليكس . . صندوق " باندورا " في عصر الإنترنت
ويكيليكس Wikileaks، هي كلمة إنجليزية تتكون من مقطعين «ويكي»، وتعني المركبة المتنقلة من وإلى مكان معين، وكلمة «ليكس» وتعني «التسريبات».. أي «نقل التسريبات والأسرار».. ومن هذا المعنى جاء اسم موقع «ويكيليكس» الإلكتروني، الذي أصبح الآن من أشهر المواقع العالمية لكشف الأسرار السياسية والانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان.
ومثلما دفع الفضول باندورا لفتح صندوقها في الميثولوجيا الإغريقية القديمة، لتخرج للعالم كل الشرور، فتح موقع «ويكيليكس» أعين العامة على أسرار وفضائح، لم يكن من الممكن الاطلاع عليها مسبقا، لتفجر براكين من الجدل حول العالم.
فوفقا للقائمين عليه، يعد «ويكيليكس» موقعا للخدمة العامة مخصصا لكشف كل الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان أينما وكيفما وجدت، مع حماية الأشخاص الذين يكشفون هذه الفضائح والأسرار، التي تنال من المؤسسات أو الحكومات الفاسدة.
ومنذ إنشاء الموقع في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2006 - عبر مجموعة من الناشطين الحقوقيين على الإنترنت من مختلف قارات العالم، دفعهم حرصهم على احترام وحماية حقوق الإنسان ومعاناته، معتبرين أن أفضل طريقة لوقف هذه الانتهاكات هو كشفها وتسليط الضوء عليها - أثار الموقع جدلا واسعا، ولا يزال، بين مؤيد ومعارض لما يقوم بنشره. حيث بدأ منذ ذلك الحين العمل على نشر معلومات وخوض صراعات ومعارك قضائية وسياسية من أجل حماية المبادئ التي قام عليها، وأهمها «المصداقية والشفافية في نقل المعلومات والوثائق التاريخية وحق الناس في خلق تاريخ جديد». ولذلك عمل على كشف أسرار الكثير من القضايا الإنسانية، مثل الأعداد الحقيقية للمصابين بمرض الملاريا القاتل في أفريقيا، وهي على سبيل المثال مائة شخص كل ساعة.
وينشر الموقع وثائق بأكثر من 50 لغة من بينها اللغة العربية، ومن بين الوثائق المنشورة بالعربية واحدة تتعلق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وفي أواسط شهر مارس (آذار) الماضي، نشر مدير الموقع وثيقة، قال إنها صادرة عن أجهزة الاستخبارات الأميركية، جاء فيها «إن الموقع يمثل تهديدا للجيش الأميركي».
وفي هذا العام نشر الموقع وثائق كثيرة كان قد تعهد بنشرها، تتعلق بالولايات المتحدة وحرب العراق وإيران، والحرب في أفغانستان، وشخصيات سياسية واستخباراتية كبيرة على مستوى العالم. أكثر من 90 ألفا منها عن خفايا الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان.
وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الحالي، نشر «ويكيليكس» شريط فيديو، يظهر هجوما نفذته طائرة هليكوبتر أميركية من نوع «أباتشي» على مجموعة من العراقيين في أحد أحياء بغداد عام 2007، مما أدى إلى مقتل 12 شخصا. ووثائق أخرى عن إجراءات تشغيل معسكر دلتا، تتضمن تفاصيل القيود المفروضة على السجناء في معتقل خليج غوانتانامو. وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، نشر الموقع أيضا قائمة بأسماء وعناوين أشخاص قال إنها تعود لأعضاء في الحزب القومي البريطاني المتطرف «بي إن بي» (BNP) الذي وصف تلك الخطوة بأنها «عملية تزوير خبيثة».. وغيرها من الأسرار.
لكن الأكثر تعلقا بأشخاص، كان خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2008، عندما نشر الموقع لقطات تظهر البريد الإلكتروني ودفتر العناوين والصور الخاصة بالمرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس «سارة بالين».
يعتمد الموقع في أغلبية مصادره على أشخاص يوفرون له المعلومات اللازمة من خلال الوثائق التي يكشفونها، حيث يتلقى هذه المعلومات إما شخصيا أو عبر البريد، ويمكن لأي شخص كان أن يقدم، بشكل لا يضطر معه للكشف عن هويته، لكن في الوقت ذاته لا يقبل الموقع المواد والوثائق التي تقوم على «الشائعات والأقاويل والآراء، أو المتاحة للعامة».
ويتم تدقيق الوثائق والمستندات باستخدام طرق علمية متطورة، للتأكد من صحتها وعدم تزويرها، وعلى الرغم من ذلك يقر المسؤولون فيه بأن هذا لا يعني أن التزوير قد لا يجد طريقه إلى بعض الوثائق، ولذلك يرى أصحاب «ويكيليكس» أن أفضل طريقة للتمييز بين المزور والحقيقي لا يتمثل في الخبراء فقط، بل في عرض المعلومات على الناس، وتحديدا المعنيين مباشرة بالأمر.
ويعمل في هذا المشروع حاليا نحو 1200 من الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم. ويدار الموقع من قبل منظمة معروفة باسم «صنشاين برس»، وهي تزعم أنها «ممولة من قبل نشطاء في مجال حقوق الإنسان، ومن قبل صحافيين متخصصين في مجال التحقيقات الصحافية. لكنه يتسم بالسرية الشديدة فيما يتعلق بشؤونه الخاصة، ولا يذكر الموقع عناوين ولا أرقام تليفونات ولا أسماء المسؤولين البارزين فيه. ورسميا، لا يوجد موظفون تابعون للموقع، وليس لديه مقر، ولا حتى رقم بريدي. ويعمل أعضاء الفريق الأساسي من منازلهم.
بينما يعد الأسترالي جوليان بول أسانج، أحد أهم مؤسسي موقع «ويكيليكس»، وواجه الآن تهمتين متعلقتين بنقل وبث المعلومات السرية بشكل غير مشروع. كما أصدرت النيابة العامة السويدية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مذكرة توقيف بحق بتهمة الاغتصاب، وأعلنت المدعية ماريان ناي «أطالب محكمة استوكهولم بإصدار مذكرة توقيف غيابيا بحق أسانج المشتبه به في جريمة اغتصاب واعتداء جنسي»، وأضافت أن «السبب وراء الطلب هو أننا في حاجة لاستجوابه، فنحن لم نتمكن حتى الآن من لقائه لإتمام الاستجواب».
ويرى البعض أن هذه الادعاءات ما هي إلا «حملة لتلطيخ سمعته وزعزعة مصداقية موقعه». مما جعل أسانج يفكر في طلب اللجوء السياسي إلى سويسرا، وتشغيل الموقع من هناك.
ومن أجل حماية مصادر المعلومات يتبع موقع «ويكيليكس» إجراءات معينة، منها وسائل متطورة في التشفير، تمنع أي طرف من الحصول على معلومات تكشف المصدر الذي وفر تلك التسريبات. وعلى الرغم من أن الموقع يعترف بأن ما يقوم به من نشر لمعلومات مهمة ودقيقة قد لا تؤدي في عدة مناسبات إلى تحويل المسؤولين إلى القضاء ومحاسبتهم، فإن هذا لا يمنع المعنيين من استخدام هذه المعلومات للبحث والتقصي للوصول إلى حقيقة الأمر.
الشرق الأوسط ، 30/11/2010
ويكيليكس Wikileaks، هي كلمة إنجليزية تتكون من مقطعين «ويكي»، وتعني المركبة المتنقلة من وإلى مكان معين، وكلمة «ليكس» وتعني «التسريبات».. أي «نقل التسريبات والأسرار».. ومن هذا المعنى جاء اسم موقع «ويكيليكس» الإلكتروني، الذي أصبح الآن من أشهر المواقع العالمية لكشف الأسرار السياسية والانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان.
ومثلما دفع الفضول باندورا لفتح صندوقها في الميثولوجيا الإغريقية القديمة، لتخرج للعالم كل الشرور، فتح موقع «ويكيليكس» أعين العامة على أسرار وفضائح، لم يكن من الممكن الاطلاع عليها مسبقا، لتفجر براكين من الجدل حول العالم.
فوفقا للقائمين عليه، يعد «ويكيليكس» موقعا للخدمة العامة مخصصا لكشف كل الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان أينما وكيفما وجدت، مع حماية الأشخاص الذين يكشفون هذه الفضائح والأسرار، التي تنال من المؤسسات أو الحكومات الفاسدة.
ومنذ إنشاء الموقع في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2006 - عبر مجموعة من الناشطين الحقوقيين على الإنترنت من مختلف قارات العالم، دفعهم حرصهم على احترام وحماية حقوق الإنسان ومعاناته، معتبرين أن أفضل طريقة لوقف هذه الانتهاكات هو كشفها وتسليط الضوء عليها - أثار الموقع جدلا واسعا، ولا يزال، بين مؤيد ومعارض لما يقوم بنشره. حيث بدأ منذ ذلك الحين العمل على نشر معلومات وخوض صراعات ومعارك قضائية وسياسية من أجل حماية المبادئ التي قام عليها، وأهمها «المصداقية والشفافية في نقل المعلومات والوثائق التاريخية وحق الناس في خلق تاريخ جديد». ولذلك عمل على كشف أسرار الكثير من القضايا الإنسانية، مثل الأعداد الحقيقية للمصابين بمرض الملاريا القاتل في أفريقيا، وهي على سبيل المثال مائة شخص كل ساعة.
وينشر الموقع وثائق بأكثر من 50 لغة من بينها اللغة العربية، ومن بين الوثائق المنشورة بالعربية واحدة تتعلق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وفي أواسط شهر مارس (آذار) الماضي، نشر مدير الموقع وثيقة، قال إنها صادرة عن أجهزة الاستخبارات الأميركية، جاء فيها «إن الموقع يمثل تهديدا للجيش الأميركي».
وفي هذا العام نشر الموقع وثائق كثيرة كان قد تعهد بنشرها، تتعلق بالولايات المتحدة وحرب العراق وإيران، والحرب في أفغانستان، وشخصيات سياسية واستخباراتية كبيرة على مستوى العالم. أكثر من 90 ألفا منها عن خفايا الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان.
وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الحالي، نشر «ويكيليكس» شريط فيديو، يظهر هجوما نفذته طائرة هليكوبتر أميركية من نوع «أباتشي» على مجموعة من العراقيين في أحد أحياء بغداد عام 2007، مما أدى إلى مقتل 12 شخصا. ووثائق أخرى عن إجراءات تشغيل معسكر دلتا، تتضمن تفاصيل القيود المفروضة على السجناء في معتقل خليج غوانتانامو. وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، نشر الموقع أيضا قائمة بأسماء وعناوين أشخاص قال إنها تعود لأعضاء في الحزب القومي البريطاني المتطرف «بي إن بي» (BNP) الذي وصف تلك الخطوة بأنها «عملية تزوير خبيثة».. وغيرها من الأسرار.
لكن الأكثر تعلقا بأشخاص، كان خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2008، عندما نشر الموقع لقطات تظهر البريد الإلكتروني ودفتر العناوين والصور الخاصة بالمرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس «سارة بالين».
يعتمد الموقع في أغلبية مصادره على أشخاص يوفرون له المعلومات اللازمة من خلال الوثائق التي يكشفونها، حيث يتلقى هذه المعلومات إما شخصيا أو عبر البريد، ويمكن لأي شخص كان أن يقدم، بشكل لا يضطر معه للكشف عن هويته، لكن في الوقت ذاته لا يقبل الموقع المواد والوثائق التي تقوم على «الشائعات والأقاويل والآراء، أو المتاحة للعامة».
ويتم تدقيق الوثائق والمستندات باستخدام طرق علمية متطورة، للتأكد من صحتها وعدم تزويرها، وعلى الرغم من ذلك يقر المسؤولون فيه بأن هذا لا يعني أن التزوير قد لا يجد طريقه إلى بعض الوثائق، ولذلك يرى أصحاب «ويكيليكس» أن أفضل طريقة للتمييز بين المزور والحقيقي لا يتمثل في الخبراء فقط، بل في عرض المعلومات على الناس، وتحديدا المعنيين مباشرة بالأمر.
ويعمل في هذا المشروع حاليا نحو 1200 من الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم. ويدار الموقع من قبل منظمة معروفة باسم «صنشاين برس»، وهي تزعم أنها «ممولة من قبل نشطاء في مجال حقوق الإنسان، ومن قبل صحافيين متخصصين في مجال التحقيقات الصحافية. لكنه يتسم بالسرية الشديدة فيما يتعلق بشؤونه الخاصة، ولا يذكر الموقع عناوين ولا أرقام تليفونات ولا أسماء المسؤولين البارزين فيه. ورسميا، لا يوجد موظفون تابعون للموقع، وليس لديه مقر، ولا حتى رقم بريدي. ويعمل أعضاء الفريق الأساسي من منازلهم.
بينما يعد الأسترالي جوليان بول أسانج، أحد أهم مؤسسي موقع «ويكيليكس»، وواجه الآن تهمتين متعلقتين بنقل وبث المعلومات السرية بشكل غير مشروع. كما أصدرت النيابة العامة السويدية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مذكرة توقيف بحق بتهمة الاغتصاب، وأعلنت المدعية ماريان ناي «أطالب محكمة استوكهولم بإصدار مذكرة توقيف غيابيا بحق أسانج المشتبه به في جريمة اغتصاب واعتداء جنسي»، وأضافت أن «السبب وراء الطلب هو أننا في حاجة لاستجوابه، فنحن لم نتمكن حتى الآن من لقائه لإتمام الاستجواب».
ويرى البعض أن هذه الادعاءات ما هي إلا «حملة لتلطيخ سمعته وزعزعة مصداقية موقعه». مما جعل أسانج يفكر في طلب اللجوء السياسي إلى سويسرا، وتشغيل الموقع من هناك.
ومن أجل حماية مصادر المعلومات يتبع موقع «ويكيليكس» إجراءات معينة، منها وسائل متطورة في التشفير، تمنع أي طرف من الحصول على معلومات تكشف المصدر الذي وفر تلك التسريبات. وعلى الرغم من أن الموقع يعترف بأن ما يقوم به من نشر لمعلومات مهمة ودقيقة قد لا تؤدي في عدة مناسبات إلى تحويل المسؤولين إلى القضاء ومحاسبتهم، فإن هذا لا يمنع المعنيين من استخدام هذه المعلومات للبحث والتقصي للوصول إلى حقيقة الأمر.
الشرق الأوسط ، 30/11/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق