قضية للمناقشة:
هل أثرت المدونات سلبا في الحركة الأدبية العربية ؟
هل أثرت المدونات سلبا في الحركة الأدبية العربية ؟
أصبحت المدونات جزءا لا يتجزأ من الحياة الأدبية, وذلك علي الرغم من حداثة عهدها, ولكن سهولة النشر وسهولة القراءة والحصول علي المواد الأدبية من خلالها, ساهم في نشرها بين القراء بسرعة غريبة, كما أن سهولة النشر أدخلت إلي مجال النشر الأدبي من لا يكتبون ذلك الأدب الجدير بالنشر بين القراء, من حيث الفكرة واللغة وغيرها من مقومات العمل الأدبي.. وكان لابد أن نتجه للمثقفين المهتمين بالنشر في المدونات ونسألهم.. هل أثرت المدونات سلبا في الحركة الأدبية العربية ؟
في البداية يقول د. إبراهيم عوض أستاذ النقد الأدبي بآداب عين شمس: أري أن المدونات لو لم تحقق مكاسب فهي علي الأقل لن تتسبب في خسائر فعن طريقها يحاول بعض الشباب القراءة والكتابة وهؤلاء الشباب لن يقدموا علي القراءة أو الكتابة بدون هذه المدونات وهذا في حد ذاته مكسب كبير, أما مستوي المدونات فهي إما رديئة المستوي فهي لن تضر في شيء, لأن الشباب الذين يكتبون فيها إنما يكتبون كما يكتبون لأصدقائهم في الجامعة مثلا والفارق هنا أن دائرة القراءة لهم تتسع لتشمل زائري المدونة, وقد يرتقي مستواهم بمرور الأيام ويكتبون أشياء مهمة, ولكن في النهاية فإن هذه المدونات فرصة جيدة لهم ليكتبوا ويقرأوا, والصنف الثاني من المدونات متوسط المستوي لكننا قد نفاجأ بوجود مدونات أرقي وأفضل مما نتوقع وهنا ندرك أن هناك مواهب مدفونة بالفعل في التراب وأنه بدون هذه المدونات لم يكن من الممكن كشفها.
وأنا شخصيا تجربتي مع المدونات جيدة جدا فأنا لي موقع إليكتروني ومدونة علي المشباك وبواستطهما زاد عدد قراء كتبي بدرجة كبيرة, فلقد نشرا كتبي عبر آلاف القراء وأصبحت أتلقي ردود أفعال علي كتاباتي من كثير من دول العالم مثل اليابان وإيطاليا وأمريكا, وهذا عكس الكتاب الورقي الذي أصبح لا يقرأ إلا من المتخصصين أو الأكاديميين, كما أن النشر عبر المدونات في منتهي السهولة وبضغطة زر يمكنني نشر الكتاب بشكل فوري, أما الكتاب الورقي فيمر بمراحل الطبع والنسخ والإخراج وغيرها مما يعطل خروجه إلي النور, وهكذا فإن المدونات تمتاز بسرعة الإنجاز واتساع دائرة القراء عددا وجغرافية.
يقول سيد نجم: لقد وفرت التقنية الالكترونية الجديدة ما يعرف بالمدونة وهي من أنماط التعبير في الواقع الرقمي, إلي جوار المجلات الالكترونية, المواقع الالكترونية, المجموعات البريدية, والمنتديات. ظهرت في البداية بالولايات المتحدة الأمريكية خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي, إلا أنها لم تعرف وتروج في العالم العربي إلا خلال السنتين الأخيرتين, علي العكس من الأنماط الأخري التي عرفت منذ ست أو سبع سنوات مضت.. إلا أنها مازالت أقل عددا, فهي لا تزيد عن الف مدونة علي مستوي الوطن العربي.
أما' المدونة' فهي تلك الصفحات المحدودة التي يرصد فيها صاحبها جملة أرائه وأفكاره بل أسراره وخصوصياته أحيانا.. سواء أكان ذلك في مجال العام أو حول خصوصيات كاتبها. لذا فهي تتضمن مجموعة من الملامح( في الوطن العربي).. واللغة المستخدمة ليست بالضرورة لغة فصيحة بل قد تكتب خليطا بين الفصحي والعامية, والبعض يكتبها بغير العربية.. تبدو علي أحد جوانبها وكأنها خطاب العالم, وان بدت كصرخة تتألم من وجيعة ما.. قد تبدو كإعلام بديل, حيث أن رصد الأحداث لشاهد عيان, لذا قد تسبق الإعلام العام الرسمي.. أما الوجه غير المألوف ويعد عند البعض من سلبيات تلك المدونات, أن أصبحت من أشكال البوح والكشف الذي قد لا يسمع إلا في عيادات الأطباء النفسيين, أو في الجلسات الخاصة عند الذكور أو الإناث.. سواء لتضمينها أفكار وأحوال جنسية خاصة, أو لتسجيل أراء مفرطة في تفردها إلي حد الشذوذ. اتجه البعض إلي وضع بعض القواعد, التي تعين المتعامل مع المدونة:.. انشر كحقيقة وما تعتقده أنه الحقيقة فقط.. إذا كانت المادة التوثيقية موجودة انشرها.. يجب تصحيح أية معلومة نشرت من قبل وتبين وجود خطأ ما بها.. أكتب وأنت تعتقد أنها آخر كتابة من المعلومة التي تسجلها, وانك لن تقدر الرجوع إليها.. اكشف عن تعارض بين مما تعرضه مع أي فرد آخر أو مؤسسة أخري.. سجل واكشف أي موقع مشكوك فيه ويدعو إلي التعصب أو التطرف أو الإرهاب.. لا تخرج عن الموضوع الذي تتناوله.. لا تعلق لمجرد التعليق, يجب أن تضيف جديدا..
وعن رأيه في القضية يقول الشاعر أحمد فضل شبلول قلة هي المدونات المحترمة التي يتفاعل الإنسان معها, وقلة هي المدونات التي نجد فيها لغة سليمة ونصوصا جيدة يقف وراءها كتاب جيدون, لا يستخدمون فيها لغة الشات المختزلة في حروف وعلامات وأرقام غريبة, أو لغة الماكينة.. أما أكثرية المدونات فهي لشباب غير مدرب علي الكتابة, ولأفكار تافهة, ولمواد سطحية, والأغرب من ذلك أنهم يظنون أن ما يكتبوه أعظم من أعمال نجيب محفوظ وجارثيا ماركيز, وللأسف يجدون من يشجعونهم علي المضي في ذلك, سواء من زملائهم وأصدقائهم أو من كتاب لهم نفس الضحالة الأدبية والفكرية. وإذا تدخل أحد بالتعليق الجاد والتقييم الموضوعي يجد سيلا من الشتائم والاتهامات.
وتقول الروائية د. حورية البدري: النشر الإلكتروني هو عملية نشر للمعلومات أو للمادة الإبداعية أو النقدية أو أي كتابات بصورة تعتمد علي وسائل التكنولوجيا الحديثة من كمبيوتر وإنترنت وتفاعل علي مساحات الشبكة العنكبوتية الإلكترونية, وهذا النوع من النشر يؤدي رسالة النشر من خروج الكتابات الإبداعية والنقدية والتاريخية والعلمية والإخبارية إلي نطاق أوسع من المتلقين, لا غبار علي مسألة النشر الإلكتروني إذن.. هذا النشر المتنوع الأساليب والوسائل.. فنجد المواقع المختلفة التي يمكن النشر من خلالها.. ونجد المنتديات الثقافية والاجتماعية والتي يكون النشر فيها مصاحبا لتفاعل حي مباشر بين الكاتب والمتلقي.. ونجد المجلات الإلكترونية المتعددة والمتنوعة والمجموعات البريدية..
الأهرام ، 7/2/2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق